أكتوبر 24th, 2009 بواسطة إباء اسماعيل
لا أعرف كيف أفسر ما طلبه منا القدماء بأن نأخذ الحكمة من أفواه المجانين ..؟!!
ولا أعرف أبداً كيف آخذ من فمك الحكمة وأنا بكامل قواي العقلية ..!!
لذلك ، قررت الجنون الآن حتى أصاب بلوثة حكمتك ، أيتها المجنونة المجنونة ..!!
في هذا النص ، الذي مدحه البعض ، ورأى فيه آخرون كلاماً غير الشعر ، لي قراءة مختلفة بالطبع لهذه الهينمات .. الهيمنات ..
21 فقرة / حكمة
.. حين قدمت لي ابنتي عبير كتاباً مترجماً فيه كلام عن الناس وسلوكياتهم ، علمت أن لهذا الكتاب أهمية في الغرب ، وتباع منه ملايين النسخ (!) وحين قرأت منه صفحات قليلة قبل أن ألقيه في المكتبة ، تساءلت : ألهذا الحد يقبل الغربيون على قراءة مثل هذا الكتاب ..؟!
السبب كان : كل ما ورد في الكتاب نعرفه تماماً ، ونواجهه في معاشنا اليومي ، لكننا للأسف ، ما حاولنا تدوين كل تلك البساطات في كتاب ، وإن فعلنا يقولون ( نحن نعرف ذلك فلا قيمة للكتاب )
منذ ذلك اليوم قررت التحول إلى البساطة التي تشكلها الحقيقة ، ولهذا ، يصل كلامي ومشاكستي إلى الجميع بالبساطة المحببة ..
لذلك أيضاً ، وصمتك بالجنون .. ليكن ، فأنا صورتك الأخرى ..!!
21 فقر / حكمة
رأيت الكتابة منطقية الحركة / البداية .. من فوق إلى تحت : من الحواس التي تحركنا كبشر ، بعد الاستجابة لها ولغوايتها (!) ولعطرها وتدفقها ، وحين نتابعها نقع في مطب جديد هو كيفية استخدام تلك الحواس ببراعة ، ساعتها يتحول الصياد إلى فنان يقعد عند انتصاراته ليشكل منها ما يريد ..
لعبة أخرى مرادفة النتائج / هي لعبة الحياة التي لا بد هنا من استخدامها بالمنطق / المنهجية ، حتى لا نخسر مكتسباتنا التي اصطدناها ..!
فقرة ثالثة
هنا ، نكون هبطنا قليلاً إلى ذواتنا ، صباحاتنا وقهوتنا ، فأكون في حيرة معك ، بين ارتشاف القهوة أو ( التفكير ) في صديق يكسر جدران الغربة ، حتى تنطلق الروح .. إنها محاولة إنسانية ، للتماهي مع الطبائع البشرية الجمعية ، فالإنسان وحده لا قيمة له دون الآخرين مهما كانوا ، إذن لنكسر الجدران ، لنبحث ونبحث عن الأجزاء الإنسانية التي نفتقدها..!
هنا معضلة..
معضلة التساؤل الذاتي ، في فضاءات الاغتراب ، أو سماواتها الملبدة بكل الاسئلة وعلى رأسها ( ثم ماذا بعد ..؟! ) فكانت الطيور / الطليقة الحرة ، أقدر منا على العودة إلى أعشاشها ..
كم نحن قساة يا إباء ..
كم نحن عاجزون عن العودة / الصيرورة / إلى نواة المحبة ، التي تنتظر في صحراء بعيدة ، قطرة ماء من غيمة عابرة ، حتى تتفجر عن برعم طال انتظاره ..
كم هي صعبة حالة انتظار الإياب ، إذا كان الوقت يسافر منا بعيدا في اتجاهنا المعاكس ..
نواة المحبة ، ذلك الدفء ، الطاقة الكامنة ، التي نفتقدها في برودة الاغتراب / الشتاء ..
لا بأس ..
لا بأس ، حين نلملم كل هذا / القنوط والحزن والعجز / ونلقي به دفعة واحدة في جوانيتنا ، الأنا ، لأعيد قوتي إلى حقيقتها ، لأتغلب على تلك المهاجمات ، هنا يجب أن نتفوق على الجميع ، وأجزم أن البداية هي التفوق على الذات وإخراجها من تلك اللجة ..!
————————-
الهجرة ،
هي ليست محاولة البعد
عن الوطن ..
إنها فرصة اكتشاف الذات
في أماكن أخرى من العالم !
***
لم أتطرق في النص الإنساني أعلاه إلى قضية التصنيف .. لا يعنيني ذلك بقدر ما يعنيني الهدف ..
كما تعلمين ، هناك أدب نظيف ، وهناك متسلقون عليه ، ولا يضير المبدع الحقيقي ان يتسلق البعض شريطة أن يستيفيد هذا البعض من الإنتاج الصادق الهادف ..
في كثير من الأحيان ، أحجم عن المشاركات والكتابة لسببين :
الأول : حين يضع كثير من الصغار انوفهم كـ ( ناقدين / ومدّاحين ) دون إلمام بابسط أدوات النقد أو حتى اللغة . وبعضهم لا يعرف حتى الأبجديات ..!
الثاني : حين استشعر الخطاب الصارخ الذي أوردنا المهالك ..
لذلك ، أحاول الابتعاد ، لأن الاستمرار في مثل هذا الوضع يشعر المرء بأنه ينزف من أجل لا شيء ..
عودة / إليك
في الفقرة المقتبسة أعلاه ، تتحدثين عن الهجرة .. وماأقسى هذا الحديث ، حين تلفظ الأوطان أبناءها النبلاء ، لأن الذين غير ذلك لا يعنيهم الوطن بالصورة المرجوة ..
الهجرة ، في حقيقتها ، كانفصال طفل عن حضن أمه ، أو كانفصال مشيمة الجنين قبل الأوان ، فتبقى هناك حلقة مفقودة من العاطفة النبيلة ، وأنا على يقين كامل بأن المهاجرين النبلاء، يحبون أوطانهم ، ويتمنون توفير الحد الأدنى لهم حتى يستطيعنا الثبات والعطاء ..
هنا ، ندخل / كمهاجرين / مساحات التبرير والتفسير في معاني الهجرة ودوافعها وأبعادها ونتائجها .. لكننا نتفق على أمر واحد هو ( الانتماء ) للوطن لا محالة ..
في المقطع أعلاه ، تقولين أن الهجرة ليست محاولة البعد عن الوطن .. نعم ، هي محاولة رؤية الوطن من مسافة بعيدة ، حيث تكون التفاصيل أكثر وضوحاً ، والحلول تكون متاحة بشكل أفضل ..
إن اكتشاف الذات في الهجرة لم يكن طارئاً أو مكتسباً أيتها الصديقة العزيزة ، فنحن جميعاً نعرف ذواتنا قبل الهجرة ، لكننا مقيدون ، لا نستطيع أن نرفع راية الذات عالياً في أوطاننا ، لسبب بسيط هو ( الصغار الذين لا يعرفون حقيقة الوطن ، ويعتبرونه كبقرة حلوب يأخذون حليبها ولا يعلفونها) ..
رغم ذلك كله ، ورغم اكتشاف الذات التي يغذيها إعجاب الآخرين واحتضانهم للإنسان المنتج المبدع ، فإننا نستطيع أن نمد آفاق التواصل مع الأوطان ، وإن كان الوقت قصيراً قصيرا ..
كثيرون ، أيتها النائية القريبة ، وضعوا أمام عيونهم وفي قلوبهم ومخيلتهم / بعد السفر الطويل / أمنيات ليست صعبة ، وأحلاماً في متناول اليد ، واخترقوا جدار العبثية المصطنعة وحاجب الجلاد وفلسفة المنظرين .. كثيروان هتفوا :
( ودوني إلى وطني ..! )
هناك ، في الحقيقة ، الوطن هو الذي ينادي / الأرض ، التراب ، الوجوه التي كانت / هو هاتف لا يملك أحد تفاصيله وفحواه ، نداء كوني لا يأبه بالجبروت ..
يا سيدتي / صاحبة الهينمات ..
كم أنا سعيد ، حين أسد رمقي بمثل هذه الثقافة ، كم هي قطرات نقية في بيداء طال الترحال في أبعادها اللامتناهية ..
لك المجد
حسن سلامة
كتب في قسم: فضاءات نقدية | لا توجد تعليقات | 2٬345 views