د. نجم السراجي يكتب عن قصيدة بطاقة ..
أكتوبر 24th, 2009 بواسطة إباء اسماعيل
إباء اسماعيل
بطاقة
خذني إلى كوخك َ الغجري ّ
المدهش !…
ما حضارة هذا العالم ,
إلا تخريب ٌ للروح ْ …
أريد ُ أن ْ يسْكنني العيد ُ
هناك َ
معك َ
فيك ْ ….
أريد ُأن تصعد َ طيوري
إلى سمائك َ !….
* * *
أمسك ْ يديّ من جديد ْ
وعلّمني للمرة ِ الألف ْ
كيف َ أمسك ُ الحلم َ
وأضع النقاط َ ,
على الياسمين ْ ! ….
علّمني كيف َ أرسم ُ قصائدي
مساء ً فاتناً ,
كيف َ تهطل ُ نجومي
وتتلألأ ُ في بحارِ دمك ْ !….
* * *
علّمني ,
كيف َ أعيد ُ ,
تكوين َ أزهاري
وخلْخلة َ فضائي
لأحبك َ أكثر َ
في كلّ عيد ْ ! ….
بطاقة- من ديوان ( إشتعالات مُغْتَرِبة) ـ إباء اسماعيل
القسم الأول
استهلت الشاعرةـ إباء ـ في ـ بطاقة ـ بـ : خذني إلى كوخك الغجري ــــ
لتعود بنا إلى الوراء هناك في الشام والشاعرة البدوية ميسون بنت بحدل الكلبية وهي من ثقيف من بني حارثة زوجة معاوية بن أبى سفيان التي رفضت حياة الترف والبذخ في قصره وحنت إلى أهلها ومضاربهم في بوادي ثقيف حتى سمعها يوماً وهي تنشد
لبيت تخفق الأرياح فيـــه ـ أحب إلي من قصر منيف
وبكر يتبع الأضعان صعب ـ أحب إلي من بغل زفوف
وكلب ينبح الأضياف دوني ـ أحب إلي من هز الدفوف
وخرق من بني عمي ثقيف ـ أحب إلي من علج عنيف
فقال معاوية
أتشبهينني بالعلج أيتها البدوية الحمقاء؟
الحقي بأهلك لاردك الله.
هنا لي وقفة مع استخدام الكوخ ـ كمفهوم وكتعبير وكرمز لنظام حياة متكامل يقابل ـ القصر الذي تريد الفرار منه حيث ـ العيد ـ هناك ـ كمفهوم وتعبير ورمز لنظام حياة متكامل آخر . التقابل هنا ـ البساطة والتعقيد ـ التراث المجرد وعولمة التراث ! تضاد الأزمان والأماكن إذا اعتبرنا القصر أو المدينة هو الحاضر أو القيد والسقوف والأركان المركبة وهو المتحرك والدخيل والكوخ أو انفتاح المساحات ورفع القيود عن المسافات وحتى الاتجاهات وهو الثابت والأصالة وهو الذي ترنو إليه الشاعرة حين تطلق طيور ذاتها وتترك أرضهاـ واقعها الحالي الذي تشكو منه والذي هو وحسب ما عبرت عنه الشاعرة بفساد الروح أو خرابها ـ وتصعد إلى سماءه إلى الثابت إلى كوخه إلى التجرد بعيدا عن عوالم العولمة وتعقيداتها . هنا تريد أن تقارن الشاعرة إباء من خلال الأنساق المعرفية المغايرة بين ثقافتين عربية وغربية وقد عاشت الشاعرة كلا التجربتين في الشام وامريكا وان كانت روحها معلقة في الشام وجسدها هناك في أمريكا !
وإذا أخذنا مفهوم ـ الكوخ ـ القصر ـ من باب ـ الواقعية والتجريد في هذا النص وما أرادت الشاعرة أن ترمز إليه وإذا فهمنا الواقعية بشكلها العام المبسط بأنها الوضوح والتبسيط وعدم التعقيد والتكلف وتفسير المجريات وتبسيط فهمها لينطلق من ذلك الصدق والأمانة إذا عكسنا حالة بساطة العيش وأسلوب الحياة على قلوب الناس فتعقيد الحياة وتنوع أدواتها وصعوبتها والتواءاتها تعكس آثارها النفسية على القلب والوجدان أي على النفس فيزيد من تعقيداتها وغموضها وحتى تشوهاتها فتنبع الأمراض النفسية والعصبية وترتع في النفوس متمثلة بالاجهادات النفسية والتوترات العصبية لتتطور إلى الكآبة بمختلف مستوياتها وما يترتب عليها من حالات الانتحار لتنتهي بانفصام الشخصية والجنون .ولو نظرنا الى ـ الكوخ ـ من زاويته التجريدية المبسطة والمتمثلة بالخفايا والتأمل والإبحار في عوالم الأعماق والنظر إلى مفردات تلك الكلمة أو المصطلح ـ الكوخ ـ الذي هو الحياة الحرة هنا ـ الغير مقيدة بسقوف ولا زوايا إضافية .
لا اقول سوى امتعني نصك يا إباء الشاعرة وفتح نزف هذياني !