الصحفي والشاعر سمير المحمود يحاورني/ صحيفة تشرين السورية
ديسمبر 12th, 2013 بواسطة إباء اسماعيل
http://tishreen.news.sy/tishreen/public/read/299937
_ تحدثي حول فكرة أعمالك بشيء من الاختصار…؟
نقطةٌ أنا في مدار هذا الكون من غربة روحي أتقفى آثار أقدامه ورفرفة نجومه وبعثرة جنونه وظلام انهياراته و تباشير فرحه وغبطة أحلامه اللامتناهية. أتماهى في حالة تجلٍّ مع تفاصيله الصغيرة وفي عمقه الأعمق.. الشعر هاجسٌ إنسانيٌّ وكَوني يستوطِن أعماقي لايُحدُّ بفكرة بل بعالم أو عوالم متداخلة بسوريالية غريبة متفاعلة ومتناقضة إلى درجة توحُّد القصيدة مع الواقع ، واقعنا سوريالي وقصيدتي تدور في فلكه.. لا مكان للبساطة أبداً بل كل شيء مركَّب يحتاج إلى تفكيك لكي يُقرأ مراتٍ ومراتٍ وهذه الانزياحات الواقعية في التجربة وفي العملية الابداعية وفي الواقع المُعاش، تمنع تسمية الأشياء بمسمياتها أو وضع النقاط على الأحرف. قد تصيرُ الغربةُ وطناً وقد يصير الموتُ عشقاً وقد تصير الأرض سراباً والربيع حقداً والمطر دماً والانسانُ صليباُ أو فجراً جديداً فالشِّعرليس فكرة واحدة بل هو روح تحضن العالم بأسره . و كما يقول جبران “ليس الشعر رأياً تعبّر الألفاظ عنه بل هو أنشودة تتصاعد من جرح دام ٍ أو فم ٍ باسم”.
_ ما هي قصتك مع الكتابة والإبداع بشكل عام…… وكيف دخلت إلى هذا العالم؟
شاءت الأقدار أن تنقش تلك الطفلة أحرفها على مدار سنوات طويلة من حياتها المدرسية بيوميات تعبق بالشعر والنثر والدموع والفرح والحوارات الغريبة.. تتحاوَروتتفاعل مع دفتر يومياتها ومع كتابها الذي قرأته ومع القصة أو ديوان الشعر الذي سكن أعماقها لماذا وكيف ومتى ومَن أنا وكيف هي الحياة؟!! في المرحلة الجامعية تتبلور الأفكار والحوارات لتبدأ بطرق باب الكتابة الجادّة الأكثر تبلوراً . وتُشارك في مهرجانات الأدباء الشباب في الجامعة لعدة سنوات برعاية اتحاد الطلبة واتحاد الكتاب العرب ثم تنتقل إلى مرحلة النشر وتسجلُ ذاكرتُها أن نشرت أولى قصائدها في منتصف الثمانينات في صحيفة تشرين السورية وتوالت النشر في تلك الصحيفة التي شكلت نقطة تحوِّل في حياتها انطلقتْ بعدها إلى غربةٍ طويلةٍ كادت تلتهم مايزيد على ربع قرنٍ من حياتها..
_ إلى أي حد ترين أن الشاعر له دور في عصرنا الراهن على كل الأصعدة الفكرية والأدبية والاجتماعية وغيرها..
تبدأ مسؤولية الشاعر أولاً انطلاقاً من نفسه في عملية بناء الذات بشكلٍ صحيح وعميق . تغذية موهبته بثقافة عامّة وخاصة، وكلّما كان هذا البناء جوهرياً ومستمراً ، أثْمَر عن عطاءاتٍ إبداعية جادّة وهامّة. الشاعر هو بالدرجة الأولى ” شاعر” فهو بالتالي مسؤول عن تغذية موهبته ليكون نتاجه رافداً بعطاءٍ مختلف ومتميِّز .ومهم جداً أن تحمل قصيدته قيَماً جَمالية إبداعية وإنسانية تسمو بالشعر. أمّا الرؤى الفكرية والثقافية، فهذا شأنه يعبِّر عنها بفكره الحر وآفاقه اللامحدودة شرط أن لا تحمل فكراً رديئاً وثقافة متدنيّة ولغة بذيئة.. للشاعر دور في الوسط الثقافي والمجتمعي لايمكن أن يكون تخريبياً لبنية المجتمع والوطن والقيَم الانسانية،. الشاعر ليس سياسياً ولا مُصلِحاً اجتماعياً ولا اقتصادياً وليس بالضرورة أن يكون مفكِّراً. قد يكون الشاعر محامياً، ينعكس هذا أحياناً على شخصية قصيدته التي تدافع عن أمور كثيرة كالمرأة مثلاً أو قضايا الفساد الخ وقد وقد يكون رجل سياسة يعبر من خلال قصيدته عن أفكار معينة تدفع بوطنه إلى الامام .. ولكن تكمن الخطورة هنا في بث روح الشاعر ودوره الفكري والأدبي أو الاجتماعي إلى الانزلاق في أدلجة شِعره. ممكن أن يكون الشاعر مثلاً أعلى لقرّائه ومجتمعه وبالتالي فهو مؤثر بمواقفه ومايبثه من أفكار بل ومساهمات إنسانية حقيقية قد تصل إلى حدِّ التماهي بين مايكتب ومايفعل من أعمال إنسانية وطوعية للنهوض بمجتمعه. وقد يفصل الشاعر بين شِعره وفق رؤيته الخاصة البالغة الحساسية ، فيفصل بين شِعره الذي قد يكون وجدانياً خالصاً في بعض الأحيان، وفي حياته العامة يكون رائداً بفكره وعطائه لمجتمعه.
وأيضاً على صعيدك الخاص؟ _
تحدثي حول أهم التحولات والإرهاصات والتغيرات التي خضعت لها تجربتك الشعرية ورؤيتك الإبداعية والفنية بشكل عام.. منذ البدايات وحتى هذه اللحظة؟
أختصر تحولات تجربتي الشعرية بعبارة ” التجريب ومحاولة اكتشاف ذاتي والآخَر في دهشة القصيدة وفي العالم هكذا إلى مالا نهاية”. مررت بسنوات طويلة منذ دراستي الجامعية في الأدب الانكليزي في سوريا وحتى إكمال الماجستير في الأدب الانكليزي والأمريكي في جامعة إيسترن ميشغن الأمريكية وأنا أمسك بقوة على أحرفي الشعرية وكأنها بحرٌ من العشق والخَراب يتبخر في أعطاف روحي وفي أطراف أصابعي. لم أعتد على قراءة دواوين الشعرالعربي الكلاسيكي من منابعه الأصلية فلم تكُن متوفرة في مكتبة والدي. يبدو أنه كان إلى حدٍّ ما حَداثياً أدْخَلتني مكتبته عامرة بعوالم جبران خليل جبران وطاغور ونيتشه وأعمال روائية عالمية وكتب علم النفس والفلسفة.. هذا كله حملني إلى عوالم قصيدة النثر مع مخزوني الأدبي من ت.س. اليوت إلى والت ويتمان وإيميلي ديكنسون وبول إلوار وبودلير وغيرهم من الشعراء الغربيين… رحلة اكتشافي لقصيدة النثر وتفاعلاتها مع جوهر تجربتي مازالت قائمة ومتَّقِدة لا أعلم إلى أين ستأخذني. ولكني قررت في التسعينات أن أعيد تكوين ذاتي الشِّعرية فما تعلمته حول الشعر العربي قليل ويبدو أنَّ موسيقا القصيدة كانت تسكنني بشكلٍ أو بآخَر ولكنها لم تنضج للظهور بعد.. اندفعتُ إلى مكتبة الدراسات العليا في جامعة ميشغن الأمريكية قسم اللغة العربية و بدأت باستعارة عشرات الدواوين من المتنبي وامرؤ القيس إلى السياب و محمود درويش وغيرهم ماوقعت عليه عيني من ديوان شِعر أو كتاب نقدٍ في الشِّعر رأيته الأهم في محض دراستي للشعر. أحببت موسيقا الشعر وإيقاعه الجميل و قررتُ أن أتعلم أوزان الشعر العربي العمودي والتفعيلة. لم يكن هذا شيئاً سهلاً على الاطلاق ولكن مع أول قصيدة تفعيلة موزونة على إيقاع الخبب، وجدتُ جمالية جديدة في الشعر بسحر موسيقاه بل عالماً أرحب للخوض فيه وبإيقاعاته المتنوعة مما كنتُ أتوقَّع. يبدو أنني هُنا وقعتُ في شَرَكِ قصيدة التفعيلة. ولي قصائد عديدة من الشعر العمودي أضعها تحت عنوان ( تجارب شعرية) لاأكثر. المهم أنني خضتها وتعلمتُ منها ولكني لم أستطع في محور شخصيتي الشعرية أن أخضع لسلطة الأب. أهم ما بالشاعر أن يمتلك ذمام القصيدة ويقبض على جوهرة الشعر روحاً ولغةً وتجدداً وأفقاً شعرياً وانسانياً. هل وصلتُ إلى هنا؟! .. لا ليس بعد، مازلتُ تلميذة في كونية الشعر مالا أعرفه وما لم أصل إليه أكثر من أن يُحصى.
_ هل تعتقدين أن النقد يستطيع أن يعطي المبدع حقه وإلى أي حد ترين أنه يواكب الحركة الأدبية والفنية المعاصرة… وهل يقدم المطلوب منه بشكل كاف؟
في حالاته المثالية القصوى يستطيع، في حال وجود نقّاد مهتمِّين ومتفرِّغين بشكل كامِل لمواكبة نتاج المبدعين من الأدباء والشعراء . مع الوضع بعين ” النقد” أنَّ النقاد هم أيضاً ينتجون نصوصاً إبداعية عبر نقدهم لنصوص الآخَرين ، بل الأكثر حضوراً أو احتمالاً أن يتوحّد المبدع والناقد بشخص واحد. ومن المهم جداً أن لايكون النقاد منغلقين بأفكارهم على قياس الأعمال الابداعية بما تحمله أو مالا تحمله من إرث ثقافي. ” كل ناقِد يستطيع أن يمنح الشعراء تشجيعاً قاتِلاً ولا يتوقف عن تذكيرهم بعبء ماورثوه” يقول الناقد الأمريكي هيرولد بلوم. ويؤكد أنّ مايهم في الأدب في النهاية هو خصوصية المبدع بما يحمله إبداعه من نكهة أو لون يعبِّربه عن معاناة انسانية ما .
ونلاحظ في أدبنا العربي والسوري تحديداً من أدباء وشعراء وباحثين متميزين يملكون بثقافتهم وحسِّهم النقدي، القدرة على أن يتركوا بصماتهم النقدية على نصوص الآخرين من الادباء والشعراء ولكنهم أقل عدداً بكثير من أن يحضنوا ويفرزوا نقدياً حجم النتاج الابداعي وغير الابداعي الهائل الذي يغزو الساحة الأدبية العربية. وهنا تأتي الصحافة اليومية بدورها في تسليط الأضواء على الأقلام الادبية الجديدة وعلى النتاج الجديد للكتّاب من منطلق عرض محتوياته للقراءة وليس للنقد.
_ إلى أي حد ترين أن الأديب العربي المعاصر استفاد من الأدب الأوروبي المعاصر… وهل ترين أن الحركة الأدبية العربية المعاصرة لها دور في ساحة الأدب العالمي؟
هناك أكثر من تيار أدبي في العالم العربي اليوم . بشكلٍ عام، الكتّاب والشعراء الكلاسيكيون المعاصِرون لم يحاولوا الاستفادة من الآداب الأجنبية فانطبعت أعمالهم الابداعية بشكلها ومضمونها الكلاسيكي. وهناك كتَّاب وشعراء مُحْدَثون مابين بين، حافظوا نسبياً على تراثهم وانفتحوا على الأداب الأجنبية. بمعنى أنهم طعّموا نتاجهم بنزعة التغيير الجزئي فلا هُم رفضوا التراث برمته ولا تبنّوا أو طبّقوا في ابداعهم النظريات الغربية بحذافيرها. وعلى النقيض، هناكَ مَمن أخذتهم الحداثة إلى أقصى حد، إلى درجة لفظ التراث العربي واستهجانه. وهناك” الفرانكفونيون” و”الأميركفونيون ” أوجدتُ المصطلح الأخير للدلالة على أنّ هناك كتاباً عرباً يكتبون باللغة الفرنسية وكتّاباً عرباً يكتبون باللغة الانكليزية معظمهم من الجيل الثاني والثالث يقيمون في الخارج على الأرجح . وهؤلاء يلعبون دوراً واضحاً في ساحة الأدب العالمي. فما إن يُنشر عملاً أدبياً لهم اليوم باللغة الفرنسية او الانكليزية ، حتى يُترجم إلى لغات أخرى كثيرة وتحتل الرواية تحديداً موقع الصدارة من الاهتمام والانتشار والتأثير.
_ من موقعك كشاعرة ماذا تريدين من الأدب بشكل عام ومن الشعر بشكل خاص.. وكيف ترين على الشاعر بشكل عام أن يكون؟
أريد من الأدب أن يكون شافياً مشفياً ، يزخر بجمال الروح وروح الجمال ويرقى بذواتنا المتعطشة إلى رصد خطانا وإن تعثَّرت وأدْمَت. أريده أن يساعدنا على البقاء بخطانا ثابتة على الأرض كي نكون كما نريد أن نكون. أريده أن يتبنى الحقيقة كجوهر والابداع كحالة مدهشة متجددة نحتفي بها..
وماذا أريد أنا من ” السيد ” الشِّعر؟! .. بل ماذا يريد هو منّي؟!! وما أنا إلا فراشة تدور في فلكه المضيء عبثاً تحاول أن لا تحترق ويتكرر فعل الاحتراق مع كل نص ومع كل حالة نزفٍ يشبه الوطن .. الأحرف تتشابك والزمن يدور في فلك القصيدة يشيخُ ولا تشيخ، .. .. وأزعم أنّ ” السيد ” الشِّعر يريدنا نحن أن نكون قادة حلم، وصنّاع محبة في محراب الروح ، وقلائد حريّة خضراء تفرشُ وجودها في أنفاسِ شعراء الوطن الجريح. نحن يا سيدِّ الشِّعر ويا أمل القبلات المكنونة في جسد الغربة كم نحاوِلُ أن نتشبَّه بإيمانك بنا كرسُل أوطانٍ تُبْعِدُ شبحَ الخَراب ولو بكلمة حب يرتشف رحيقها مَن يحاول أن يُطفىء نيران الموت عن جسده .. كُن أيها الشاعر كما تريد أن تكون.. فقط كُن شاعِراً ، كل مافي ذراتِ روحك من تألُّق يستصرخُ فيك الأمل كُن فوق الحَداثة وبعد بعد بعدها إن كانت تعني هي الخراب أو اليأس باصفراره النتِن.. .. إصنعْها بوقود جمال أعماقك المسربلة بالبياض ..فجِّر مكنونات قلبك إلى لا حدود الشِّعر.. أنتَ مهيّاٌ الآن لأن تكون صوتَ الغد ولغةَ البقاء و أمل الأطفال القادمين بعد مائة عام وأكثر من خضاب أحرفك المضيئات المتجذِّرة في أخاديد الوطن.
_ كيف تنظرين إلى الجوائز وإلى أي حد ترين أنها تسهم في تنشيط الحركة الإبداعية؟
على صعيد تجربتي الشخصية أقول : خصوصية تجربتي الاغترابية وبُعْدي عن الأوساط الأدبية ومؤسساستها لسنوات طويلة قطفتْ أكثر من نصف ورود عمري حتى اللحظة ، طبعت شخصيتي بطابع أن أدير ظهري وأحيد عن المُشاركة في أية مسابقة شِعرية سواءً في المهجر أو الوطن الأم، رغم إلحاح بعض الأصدقاء بضرورة مشاركتي. لم أستطع حتى اللحظة الاقتناع بأهميتها للمشاركة كضربة حظ توصلني إلى بريق الثروة مثلاً أو شرف الفوز أو شرف الشهرة.. أعتذر منك يا وطني الحبيب سورية أنني لم أحصد لك أية جائزة ولكني رفعت رأسك عالياً في أمريكا .. مثلتك في مؤسسات ثقافية وأدبية عربية وأمريكية هامّة. أثَرتُ في جيل من الطلاب في عدد من الجامعات الأمريكية والعربية كشاعرة سوريّة تمثل بلدها في الوطن العربي وفي المُغْتَرب.. وهذا كان أرفع وسام بالنسبة لي وأهم جائزة. بموضوعيةٍ أقول: الجوائز الأدبية بالتأكيد تُساهِم إلى حدٍّ كبير في تشجيع المبدعين في كافَّةِ مراحل عطائهم وتحفِّز بشكلٍ خاص المواهب الشابة على العطاء والاستمرار على أن لا تكون هاجس المبدعين فقط الفوز لتغيير وضعهم المادي والمعنوي من حالٍ إلى حال. فهذا وهمٌ كبير يقع به الكثيرون ويكتشفونه بعد ذلك. أمّا الجوائز الأهمّ على الاطلاق برأيي ، فتلكَ التي تُمنَح للمبدعين الكبار على مجمل أعمالهم وبعد مسيرة عطاء سنوات طويلة من الابداع والتضحية. أمّا في البلاد الغربية، كأمريكا مثلاً ، فلعبة الحصول على الجوائز ” الادبية” للأجانب سهلة جداً- ولكن الخروج منها أصعَب- لمن يلهث وراءها والشرط اللازم لذلك ليس بالضرورة ” الابداع” بل القدرة على إقناع الجهات المعنية بتقديم نصوص ترفع شعارات كوارثية تجربة الكاتب كأن يكون لاجئاً أو مظلوماً أو مسلوب الحرية من بلده الأصلي.. بالعامّي الفصيح: كلُّ مَن ( يكسر يده ويشحذ عليها) يربح بالعملة الصعبة ولكنه يخسر نفسه للأسف. وبالتأكيد الخط الأحمر الخفي الذي لايحق للمبدع ” العالمي” الذي يحصل على الجائزة أن يتجاوزه هو عدم التصريح بأن اليهود في فلسطين المحتلة عليهم العودة إلى أوربا من حيث أتوا ، وإلا فسيكون مصيرهم مصير الصحفية العربية الأمريكية الراحلة إلين ثوماس التي تم طردها من عملها بسبب التعبير عن رأيها بصدق هذا بعد خدمة خمسين عاماً من تألقها في الصحافة الأمريكية.
_ كيف تنظرين إلى المهرجانات وأهميتها في تنشيط الحركة الإبداعية بشكل عام والحركة الشعرية بشكل خاص؟
المهرجانات الأدبية هامّة جداً في تنشيط الحركة الابداعية. وفي تكوين ذات المبدعين الشباب بشكلٍ خاص . لم أكُن أتصوَّر مدى تأثيرها عليَّ كزوّادة حمَلتُ وهجها معي إلى ميشغن لسنوات طويلة لأنها لم تتكرّر. وتعلمتُ منها الكثير حتى اللحظة. إنّها تعطي دفعة قويّة على الاستمرار في الابداع . يكتشف فيها الأديب نفسه وكيف يطوِّرها . فشخصيته في إلقاء قصته أو قصيدته أمام الجمهور ومدى تفاعلهم المباشَر معه، تشبه إعادة كتابته للنص المقروء سماعياً أو مرئياً . فإذا كان للمبدع حضوراً قوياً في الإلقاء، وكانت لغته قوية، أضاف رصيداً جديداً لوجوده الابداعي ولقرّائه والعكس صحيح. الأجمل من هذا وذاك، اللقاء الحي والمباشَر للأدباء العرب على مائدة أدبية واحدة وتفاعلهم مهما كانت اختلافاتهم ورؤاهم حول النصوص. وحوار أجيال متعددة مابين مبدعين ونقّادْ مهم أيضاً. هذه ثقافة أكثر حيويّة وخصوبة من مجرد القراءة والكتابة والنشر والغوص في بحار شبكات الانترنيت.
_ ما هي أعمالك القادمة.. وما هي فكرتها باختصار؟
صدر لتوِّه ديواني الجديد ( فراشةٌ في مدار الضوء) ، يحمل هواجساً على أرصفة الوطن وفيه من أنامل المطر الكثير من الحب ورغبات الجنون حيث شرايين الغربة تتداخَلُ في دروب الحيرة والترقُّب والأمل.
لدي مجموعة شعرية للأطفال جاهزة للطبع . وأحضِّر لنشر مجموعة شِعرية باللغتين العربية والانكليزية وهي تجمع مابين النصوص التي كتبتها باللغة الانكليزية ومنها مختارات مترجَمة من قصائدي المنشورة باللغة العربية.