أغسطس 30th, 2009 بواسطة إباء اسماعيل
حوار مع الصحفي والأديب اللبناني المغترِب د. أسعد الدندشلي
نُشرت في صحيفة الحقائق اللندنية
أجرت الحوار: إباء اسماعيل
الولايات المتحدة/ميتشغن
* “تمكنت في مقالتي تلك من أن أقول كلمة حق وكلمة فصل في مواجهة الإعلام الأمريكي المرئي والمسموع والمقروء، وأن أعيد جزءاً من الصواب والحقيقة لما كان يوغل الإعلام الإمريكي في تسويقه ونشره بطريقة محمومة مبرمجة سبّبت في حينها هلعا، في صفوف المواطنين الأمريكيين ، وخوفا وإرباكا مقلقا في صفوف أبناء الجالية العربية الأمريكية…”
* “عندما انسحقت في دهاليز الغربة، رأيت كيف تصير المطارات مداخل زنزانات، والحدود تجاويف رعب وقلق يستوطن النفس، بل على العكس صرت أخشى الأمان،..”
د. أسعد الدندشلي
صحفي وأديب لبناني مغترِب، يحمل هموم وطنه في حقيبة سفره الطويل المضني والمتشعب .. من لبنان إلى أنتيغوا .. إلى أن يحطَّ رحاله في ولاية ميتشغن الأمريكية . معروف بديناميكيته وحيويته وإخلاصه في أوساط الصحافة العربية الأمريكية.. له فضل كبير في تغطية الكثير من الأحداث الهامة للجالية العربية في ولاية ميتشغن الأمريكية .. يتماهى مع هموم الوطن، وهم الانسان أينما كان، لاحدود لعطائه حين يتعلق الأمر بتبنيه لقضية ما انسانية يؤمن بها حقاً .
لنقرأ بعض ملامح رحلته مع الصحافة والأدب و رؤيته للحياة كعربي مغترب:
1– هل ثمة تأثير لمجال تخصصك في علم النفس على مسيرة عطائك في العمل الصحفي والروائي؟!
* طبعا! تخصصي في علم النفس أضفى الكثير من مقاييسه السلوكية ومعاييره التحليلية على مجمل أعمالي وكتاباتي، فأنا كنت أعلّم المادة أيضا، وأعيشها يوميا مع طلابي، ومع نفسي في آن، إذ أن هناك العديد من الظواهر والحالات التي كانت تستدعي مني تأملها وإعطاء رأيي بها، أو حكم أخلص به لنفسي بعد هذه التجربة أو بعد تلك المعاينة لتلك المسألة. ومع الممارسة صارت مادة علم النفس تشكل لي مدخلا مضيئا لقراءة هذا النص، أو حتى كتابته، أو معالجة هذا الموضوع أو ذاك، واكتشفت مع الوقت أن علم النفس بات موجودا في العديد من معطياته الميدانية والسلوكية والظواهرية في أعمالي دون أن يكون ناتئا أو ظاهرا يصل إلى مرحلة الإدعاء والتماهي الفظّ. إنه موجود يتسلسل في أعمالي ليكون المرشد الموجه الناعم اللطيف، دون إرادتي ينبهني لتلك الشخصية، ويشير عليَّ في مراعاة هذا السؤال أو اختيار ذاك أثناء لقاء صحفي أو أثناء كتابة حول شخصية أو مع نقدي لمسألة ما …
2 – إلى أي حدّ يتلازم الأدب والسياسة في حياتك الإبداعية و الصحفية؟ وهل انعكس هذا على روايتك الجديدة( بيتٌ لاينام) المعدّة للطبع؟!
* بالنسبة لي، أعتبر الحياة السياسية هي قمة الأداء الفكري والعطاء الإنساني الحضاري بغض النظر مما علق ويعلق في الإذهان من تداعيات ورداءة الوضع السياسي الذي أعتبره رداءة السياسيين والعاملين فيه، فالسياسة بمفهومها المعياري وبالهدف الذي تنشد خدمته ، تصير النسغ الحياتي الذي يغذي مختلف نواحي الحياة الأخرى. فالسياسة هي الحاضر والغد الذي تعمل من أجله وفي سبيله الإنسانية للحفاظ على بقائها وتطورها وحفظ نوعها وقيمها، وتراثها، وعليه فأنا أعتبر الشاعر والأديب والكاتب والصحفي والمهندس والعالم والموسيقي والفنان والعامل والمزارع والطالب فريق عمل سياسي يتكامل ويتصالح كل فرد فيه مع الآخر في إطار مهامه المحددة…
لذا أنا متصالح في هذه المسألة مع نفسي ولا أجد أي فرق أبدا بين عملي السياسي أو كتابتي الأدبية بل ما أنا فيه هو التكامل والإلتزام لإنجاح عملية الإندماج أيضا، حيث تتكامل مختلف المعطيات الأدبية أو السياسية أو المعرفية أو الصحفية للوصول إلى هدف في نهاية الأمر وهو هدف سياسي بالطبع وسياسي أقصد به تحديدا هدف إنساني ، فالسياسة برأيي هى أرقى أشكال العلوم الإنسانية لأنها خلاصة كل العلوم الإنسانية الفرعية الأخرى..
في روايتي “بيت لاينام” والبيت أعني به المنزل كما أعني به الوطن في آن وبين البيت والوطن كانت الإمتدادات الوجدانية والأحداث التاريخية والوطنية التي أرقت المنزل وأرقت الوطن فلم ينم الأبناء وما يزالون على امتداد لأكثر من نصف قرن تتالت فيه الهزائم واختلطت حينا بتباشير الأمل من فلسطين إلى لبنان إلى سوريا إلى العراق إلى مصر والإردن وليبيا واليمن وأثر كل ذلك …فاختلط السياسي بالأدبي بالصحفي بالحدث في أبطال رواية بيت لينام وبشكل يصعب التمييز …
هذه قناعتي بالكتابة وهذه تجربتي وعسى أن تكون ناجحة وموفقة… رغم أنني حاولت ذلك أيضا في رواية “الصمت” التي نشرتها في بيروت العام 1982 عن دار الفارابي – وكانت أيضا هذا المزيج الحياتي التي يتضافر معا كما الماء والهواء والتربة والشمس لإنجاح الحياة ….
3- نلت جائزة المرتبة الثانية عن أفضل مقال حول العدالة الإجتماعية في العام 2006 في منهاتن- نيويورك من:
ماذا تعني لك هذه الجائزة الأمريكية؟!
Independent Press Association –IPA- Awards on October 27, 2006 IPPIES Manhattan -New York
* هذه الجائزة ليس قيمتها في أنها في هذا الموقع المتقدم الذي تبوأته بين الصحفيين في نيويورك، لا أبداً! ولو سمعت ما رافق تلك المقالة الطويلة التي كتبتها، وما عرفته من وقائع وأبعاد وتحديات لأدركتِ مدى أهمية ذاك المقال! في مضمونه بل وفي توقيته في شهر أيلول الماضي العام 2006 … والذي كان تحت عنوان : “رجّعونا مصر!” وأهمية الأمر أنني تمكنت في مقالتي تلك من أن أقول كلمة حق وكلمة فصل في مواجهة الإعلام الأمريكي المرئي والمسموع والمقروء، وأن أعيد جزءاً من الصواب والحقيقة لما كان يوغل الإعلام الإمريكي في تسويقه ونشره بطريقة محمومة مبرمجة سبّبت في حينها هلعا، في صفوف المواطنين الأمريكيين، وخوفا وإرباكا مقلقا في صفوف أبناء الجالية العربية الأمريكية، فكشفت في مقالتي تلك حقيقة الأهداف الكامنة وراء إزكاء نار الحقد والكراهية التي سعى إليها الإعلام الأمريكي ليثير مجددا مشاعر الكراهية في صفوف المواطنين الأمريكيين ضد العرب عامة، والجالية العربية الأمريكية في الولايات المتحدة خصوصا، لقد استغل الإعلام قصة أحد عشر طالبا مصريا قدموا الولايات المتحدة صيف العام الماضي 2006 وذلك في إطار برنامج معد للتبادل الطلابي الثقافي بين جامعتي المنصورة في مصر، وبين جامعة مونتانا في بورمان في الولايات المتحدة الأمريكية، لمتابعة كورس في تعليم اللغة الإنكليزية، وعندما تأخر الطلاب ولم يلتحقوا بالجامعة فور وصولهم، سعيا لإرضاء ما نسجوه في مخيلتهم عن تحقيق الحلم الأمريكي الذي يعيشونه عندما وجدوا أنفسهم على أرض الولايات المتحدة، وكانوا يعللون النفس برغَدِ العيش، والحلم يدغدغ مشاعرهم بالهناء الذي ينتظرهم، فحاولوا اقتناص فرصة العمر برأيهم بعد أن حصلوا على فيزا مكنتهم في رؤية أرض الحلم واقعا، فسولت لهم أنفسهم أن يتأخروا لأيام عن كورس دراستهم، فإذا بالإعلاميين الأمريكيين يحولونهم إلى إرهابيين ملاحقين مطاردين، وليخضعوا لسيل من التحقيقات والمحاكمات يقبعون في الزنزانات طالت لأكثر من ثلاثة أشهر وهم في حالة نفسية ضاغطة ومزرية للغاية. سعّر الإعلام الأمريكي خلالها أعنف حملة مسيئة محرّفا ومشوّها حقيقة ما جرى مع الطلاب: من سوء فهم وانعدام للدراية ومن جهلهم بالقوانين الأمريكية المرعية الإجراء، إلى نار جحيم وليعيشوا كابوسا فعليا مرهقا. تخيلت فيها الطلاب يصيحون بوجوه قضاتهم أثناء محاكماتهم في الولايات الخمس التي توزعوا إليها لما عانوه وعاشوه في تلك الحقبة : لا نريد كورسا وعلما، ولا نريد أن نبقى في أمريكا بل (رجّعونا مصر)…! وبالفعل هذا ما نطق به أحد الطلاب الصغار العمر للقاضي عندما سأله إن كان يريد أن يستأنف حكما لإبقائه في أمريكا.
صبّ الإعلاميون الأمريكيون على رؤوس أفراد الجالية العربية الأمريكية في نيويورك ومنهاتن ونيوجرسي وغيرها من الولايات الأمريكية، الخوف والقلق والإضطراب طوال تلك الفترة دون رحمة أو موضوعية أو حتى دون بذل أي محاولة لتقصي الحقائق حول الموضوع، أو وضعها في إطارها الطبيعي القانوني ضمن اختصاص عمل دائرة قوانين الهجرة، بل تقصّدوا عن عمد أن يحوّلوا المسألة إلى حالة من الهلع والذعر التي تدبّ في صفوف المواطنين الأمريكيين، وعلى نحو يهدف إلى تشويه صورة الطلاب المصريين العرب وإبراز العرب بأنهم ارهابيين، وأنهم دائما: مصدر القلق والخوف في المجتمع الأمريكي لإعادة شحن النفوس بالكراهية والأحقاد ضدهم من قبل مواطنيهم ومن قبل مختلف المؤسسات الأمريكية، في محاولة لإستعادة أجواء إعتداءات 11 سبتمبر/أيلول الإرهابية، فقد انبرى الإعلام الأمريكي يتسابق بكل وسائله وتقنياته المرئية والمسموعة والمقروءة على خلق الأجواء المتشنِّجة، مثيرا عامِلَي الخوف والإرهاب، وعازفا بشدّة على وتر حساسية المواطن الأمريكي. إن هذا الأمر ما كانت لتتناوله وسائل الإعلام الأمريكية على هذا النحو، لو لم يكن هؤلاء الطلاب من المصريين المسلمين العرب ! فالمسألة إذن مسألة حقوقية بحتة تندرج في إطار العدالة الإجتماعية وفي إطار الحقوق المدنية، ومكافحة كل أشكال التمييز العنصري التي يرفضها الدستور والقانون الأمريكي…وأن التجاوزات والمخالفات القانونية ارتكبها الإعلام الإمريكي على أرض هذا الدستور وفي ظل قوانينه. وهذا ما جعل المقالة تحظى بالإهتمام والتقدير من المؤسسات الأمريكية الناشطة في مجال حقوق الإنسان ومكافحة مختلف أشكال التمييز العنصري…
وهنا لا أنسى أيضا أن أشير إلى أن المقالة كانت تتحدى وسائل الإعلام الأمريكية وأنها كانت تدين بشدة الممارسات اللاقانونية التي تمارس في الولايات المتحدة بسبب سياسة الرئيس الأمريكي جورج بوش وإدارته، وأن المقالة كانت تنشر على صفحات جريدة “أراميكا” الأمريكية العربية الصادرة في نيويورك، وهنا أهمية الموضوع والحدث، حيث لا يسعني في المقابل إلاّ أن أشيد حقا بالمناخ الديمقراطي الأمريكي وحيوية القانون والدستور الأمريكي. ويكفي أن أسأل مستدركا: ماذا لوكان الحدث يجري في بلد عربي؟! أو مع رئيس بلد عربي؟! والمقالة تتطاول على سلطته أوعلى أجهزته الأمنية وصحفه ووسائل إعلامه!! فهل كنت سأنال مثل هذه الجائزة وأستلمها وسط حفل عشاء كبير وشخصيات رسمية وإعلامية أمريكية مرموقة في منهاتن في نيويورك، أم أنني كنت سأنال عقوبة الخيانة العظمى بحق النظام وسأحظى برقم سجين وبرقم زنزانة مزمنة مثقلة بأحكام العقوبات؟!!
4- أين أنت د. أسعد مابين خواطرك الوجدانية وغوصك في ملاحقة الأحداث الاجتماعية والتيارات السياسية ؟ هل يتكاملان أم يتنافران في ذاتك؟
* لا أرى أي تنافر بين الخاطرة الوجدانية والأحداث التي مررت بها من اجتماعية أو تلك التي تعرضت لها من مختلف الرياح السياسية، فسيرورة الحدث من لحظة تشكله أو مشاهدته أو السماع به أو رؤيته أو قراءته أو السمع به، بمعنى آخر، ما إن تنتهي مسألة الحواس في محصلتها النهائية الوظائفية من بلورة الحدث، حتى يخرج هذا من مسار السيرورة إلى مسار الصيرورة والتحويل، فيأتيك التفاعل النفسي معه سلبا أم ايجابا لتبدأ النفس بتسجيل ردات فعلها ومن ثم لتصير ردات الفعل هذه حالة نفسية، ومن ثم كلمات ومعنى تطفو على شاكلة خاطرة أو قصيدة أو مقالة أو موقف أو فعل …
5- من خلال عملك الصحفي الحالي ، هل تعتقد بأن الجالية العربية الأمريكية
تتنفّس برئة واحدة أم برئتين؟!! ولماذا؟!..
* الجالية العربية الأمريكية فرع من الأصل والفرع يحاكي الأصل، لأنه منه وفيه
يستمران ولحقبة زمنية طويلة. ولن يتمكن هذا الفرع من أن ينزع بسهولة
ما حمله من قيم وأصالة ومن مورثاته الجينية. ومن هنا أقول أن من جاء وكان
يتنفس برئة واحدة سيبقى يتنفس من رئته الواحدة وإن صار في الغربة وهذه
لن تتمكن من تزويده برئة ثانية، مهما اكتسى من قوى مادية أو معنوية بل على
العكس ربما الغربة هي نفسها التي تسعى إلى انتزاع الرئة التي يتنفس منها حتى
وإن كانت رئة واحداة، ما أود قوله إن المسؤولية الوطنية همّ نفسي ووجداني
والوطنية لاتحتاج إلى غربة ولا إلى هجرة ليتعرف عليها الكائن ويكتشفها. إنها
مخلوق قيَمي يعيش فيه يقاسمه النفس والفكر والسلوك، فإن كان هذا المخلوق في
في اساسه مولودا ضعيفا هشّا غير قادر على العطاء ويعيش على التلقي
من المتساقطات عليه، فإن الوطنية تبقى كائنا ضعيفا واهنا حتى وإن كان في وطنه
وفي بيته الذي ولد فيه. أما إن كانت الوطنية ترفض عيش المتساقطات والتهميش
فإنها ستكون ذاك الكائن القوي في وطنه وفي غربته على حدّ سواء، وتصير همّا
ومسؤولية تحاكيه، بل وتنمو لتصير سلوكا دافعا خلاقا ومبدعا نحو وطنه ومواطنيه
ومن هذه العلاقة نفسها، يندرج في إطار أوسع باتجاه احترام كل الأوطان الأخرى
وليستقر في مداره الإنساني الأوسع وفي الوطن الأم الأكبر الذي هو الأرض كلها،
الأرض بلا حدود وبلا مسافات، وأن المساحات هي وطن الكائنات غير المجزأة
والمقسّمة لمختلف الكائنات أيا كان عرقها أيا كان لونها أيا كان جنسها وعقيدتها،
لأن الوطني يحب كل الأوطان الأخرى، ويحترم ساكنيها من الشعوب الأخرى.
من هنا نجِد في جاليتنا العربية الأمريكية من يعيش ويتنفس برئة واحدة ضعيفة،
وفيها أيضا من يعيش برئتين سليمتين معافيتين يتنفس على توازن ايقاعهما
الحياتي في إطار تنوّع إنساني وحضاري ثقافي واجتماعي وعقائدي… وهذه حال
معظم جالياتنا العربية التي التقيت بها في البلدان التي زرتها في تجمعاتها الكبرى
وخاصة في البرازيل وأستراليا…
6- بمايشبه الكلمات المتقاطعة، خلطنا مفردات قد تنعكس في ذاتك كمرايا صغيرة. فماذا تعنيه لك؟
1— طرابلس؟!
* مدينة الحب الذي لم تكتمل مسيرته، وذاكرة شبابي وعطاءاتي الوطنية، وسلوتي في غربتي، كلما خلوت اليوم إلى نفسي تصير صديقتي وسميرتي…فأسمع صراخ عمالها أمام مسجلتي الصحفية، وأصيخ إلى صدى وقع أقدامي في أزقتها، توصلني إلى أم العواصم بيروت، وتقلع بي إلى خطواتي الأولى التي خطوتها مناضلا عاشقا إلى دروب الجنوب، أو تحملني إلى صيحة القرى والبلدات العكارية المحرومة، أو تعيدني إلى عبق رحلات الشوق والعودة من مدينة حمص السورية، ليصير الشوق بعدا قوميا عربيا لا يعرف تجزئة أو حدود…
2-حلم لم يتحقق بعد؟!
* خلاص لبنان من طائفيته ومذهبيته، وقيام دولة المؤسسات والمؤهلات والمواطنية والوطنية السليمة، ووصول الشعب الفلسطيني إلى حقه في ارضه، ورؤية مجتمعات أمتي العربية تعيش بسلام حقيقي، يتاح في ظله للفرد العربي الحيز الطبيعي لممارسته حقوقه الفردية والإنسانية في بناء شراكة فعلية في النتاج الحضاري وأن يسهم ببناء دولته القادرة على إستعادة حقه في صياغة النسيج الإنساني العام…
3- لحظة جنون لم تندم عليها؟!
* تتجلى في قراري بالعمل السياسي، وقمة الجنون برأيي والتي لم أندم عليها خوضي للإنتخابات البرلمانية في ظل ظروف معقدة وحالكة في الغموض والتسويات والمحسوبات والضغوطات، وأنا العارف بماهيتها وحقيقتها، بل وبنتيجتها المسبقة أيضا…
4- ذكرى موجِعة؟!
* لحظة مغادرتي لبنان، حيث توقف ابني الشاب عند بوابة مغادرة المسافرين حسب القوانين المرعية الإجراء في مطار بيروت، وما إن مضيت بعيدا عنه بضع خطوات التفتُّ خلفي نحوه فجأة لتنغرس نظراته في أضلعي وقلبي من خلف دموعه التي كانت تنسكب بغزارة، دموع شاب تنهمر أمام جموع المسافرين… مؤذنة بوداع طويل ربما لا أمل منه لرجوع أو لقاء…
5-أفق وطن تبحث عنه؟!
* أن ارى فيه أبناء وطني : لا يتقاسمون الله أديانا ومذاهبا، ولاينسون وطنهم حاضرا ومستقبلا، وأطفالا سعداء سقطت من حياتهم مشاعر الخوف، والحرب وأدواتها…هذا هو أفق الوطن الذي أبحث عنه. أعرف أنني أحلم لأني من مواطني دول العالم الثالث، وربما أدنى….
6- لحظة خوف من أين تأتي؟!
* أعيش الخوف، في كل لحظة، لذا لم يعد ثمة ما يخيفني إطلاقا، عندما انسحقت في دهاليز الغربة، رأيت كيف تصير المطارات مداخل زنزانات، والحدود تجاويف رعب وقلق يستوطن النفس، بل على العكس صرت أخشى الأمان، لأني أعتقد أنه السكون الذي سيحمل عاصفة جديدة من الأرزاء، إلى بلاد مجهولة أخرى سأطرق أبوابها. لقد صورت حالاتي تلك في مقاطع من النص المفتوح : لنبدأ من جديد وفي أكثر من مقطع…. وكل ذلك ما كان ليحصل لي، أو لمن في مثل حالي لو لم يصطاد العنكبوتُ الشمسَ في وطني…وفي أمتي!
7- أهم كتاب قرأته؟!
* لكل كتاب قيمته، حتى ما قرأته من الكتب التي لم ترق لي، كان لها أهميتها لأنها كانت تدخلني في مقاربات مع الكتب الأفضل والأجود، وخلاصة يكفيني أن يكون كتاباً موجودا بين يدي أو قبالتي حيث أجلس، أو على مسافة قريبة مني، لأشعر أني بخير وعافية!
8- السلام؟!
* أمنية سحقها جبروت القوة الحضارية تحت شعارات مختلفة، وبعد أن هدر دمها يحاول استنساخها مجددا على شاكلة قيمه، وليس على حقيقة ماكان عليه السلام أو ما ينبغي أن يكون عليه السلام الفعلي!
كتب في قسم: حوارات الورد والريح | لا توجد تعليقات | 1٬602 views