من الأرشيف: استطلاع الصحفي عبد الهادي رَوضي إثر رحيل الشاعر سميح القاسم :
أبريل 15th, 2015 بواسطة إباء اسماعيل
كيف تلقيتِ الخبر؟
رغم علْمي بمرضه و تدهور حالته الصحيّة، و احتمال رحيله في اية لحظة، إلّا أننا نتطلع إلى الشعراء الكبار كأنهم لا يمكن أن يموتوا ابداً مهما غيَّبهم الموت. غريب فعلاً أننا نتطلَّع إلى الشّعراء الكبار و كأنّهم لا يمكن أن يموتوا أبداً !!
ما أثر رحيل سميح القاسم على القصيدة العربية؟
كدتَ تقول: ما أثر حضوره على القصيدة العربية؟!!
هو شاعِر المقاومة الفلسطينية و العربية، شاعر قضية، تُحرِّكك قصيدته سواءً كان جسدُه باقٍ أم تحتَ التراب. صحيح أنه لن يتمكن من إضافة ما هو جديد بسبب رحيله، لكن ما قدَّمه للشِّعر العربي و للقارئ العربي سيبقى في الذاكرة و في الوجدان . هناك قصائد تتوالد رغم بساطتها أكثر مع رحيل الشاعر .. فيها شيء من العبقرية، شيء من نبض الانسان . ثمة قصائد يتحدّى و يقهر فيها الموت . تبرز فيها المقاومة على أشدّها ، مقاومة الموت و مقاومة الاحتلال .. هذا الذي يمشي منتَصِبَ القامة، و مرفوع الهامة ، يحمل غصن الزيتون رمز السلام و رمز الانتصار و إن ماتَ ، فهو حيّ و يمشي و على كتفه نعشه!!
وكيف تقرأين موت الشاعر؟
موت الشاعر مؤلم جداً، لأنَّ الموت بحدِّ ذاته مؤلم لأي إنسان افتقد أقرب أحبته. لكن موت الشاعر هو ميلاد جديد له لدى القارئ و لدى الأوساط الأدبية، و لدى التاريخ . الآن سيتطلّعون إلى الوراء ليذكِّرهم بوجوده الحقيقي ، بوجوده الذي تركه في دواوينه المطبوعة. و نَشر ما لم يُنشَر من قِبَل أحبّته و أصدقائه، و لاسترجاع الذاكرة بالصور و القصائد غير المنشورة في السابق، لتنشَر للمرة الأولى. الآن ستجد القرّاء يتهافتون على شراء أعماله الكاملة أو قراءتها عبر شبكات الانترنيت ليثبتوا لأنفسهم كقرّاء يحبونه و كأصدقاء كانوا معه يوماً على مائدة شعرٍ واحدة، أن مكانه في حاضِر الشِّعر و مستقبله مازال محفوظاً بل و يمسحون الغبار عن الكثير من قصائده المنسية أو غير المقروءة لاكتشاف كنوزه الشِّعرية غير المُكتَشَفة. إنَّ رحيل الشاعر سميح القاسم شأنه شأن رحيل نزار قباني و محمود درويش و غيرهم من الشعراء الكبار، لم يضعهم القارئ و لا التاريخ في خانة النسيان، بل اشتدَّت حالة النوستالجيا لدى القارئ ليعيد ترتيب أوراق قراءة الشاعر من جديد و على ضوء رحيله يشعر بأنه جوهرة ثمينة لا يمكن أن تُعوَّض و أنه ترك بصمة مختلفة لا تُمحى من الذاكرة مهما تعاقبتْ أجيال الشعراء.