ديسمبر 28th, 2008 بواسطة إباء اسماعيل
نص الحوارالإذاعي الذي أجراه معي
الأديب والاعلامي نشأت المندوي
والاعلامي غسان بيداويد ضمن برنامج ( دائرة الضوء)
من إذاعة الشرق الأوسط التي تبث من ديترويت / ميتشغن/ الأمريكية
بتاريخ 26/3/2004
س1
حلب مسقط الراس وهي نافذة الدنيا على الشعر والماء ومنها غنت الشاعرة اول قصيدة عام 84 مالبثت ان حفرت اسمها على تشرين بعد ثلاث سنوات ؟ كيف بدت الوطن –سوريا – ساعة اول قصيدة تنشر
– كنت في الخامسة من عمري حين ، اندلعت حرب ال67 لم أكن أعرف الشعر بعد. تفتّحتْ أذناي على أغنيات فيروز .. حُفرتْ في ذاكرتي زهرة المدائن لشدّة ما كانت تتكرّر في أجهزة الإذاعة و التلفزيون في ذلك الحين.. كنتُ كلّما سمعتُها تقول( الطفل في المغارة و أمّهُ مريم وجهان يبكيان .. لأجل من تشرّدوا .. ) كنتُ أشعُر بأنَّها دعوة للبكاء لي أيضاً .. لم أكنْ أعي مامعنى الحرب بعد..
– في العاشرة ، مسكتُ القلم و لم أتركهُ حتى هذه اللحظة .. لم أكُن أدركُ ما هو الشّعرُ بعدْ. لكنني خاطبتُ دفتري مراراً على أنّهُ الصّديق الأكثر إخلاصاً .. كتبتُ مذكَّراتي .. ووملأتُ دفاتر كثيرة .. في الواقع لم أكنْ أشعُر بأنّها مذكّرات بقدر ماهي رؤىً و أحلام و مشاعِر غضب و فرح و حزن و طموح…. الغريب الذي اكتشفته أنني كنتُ عندما أتَصَفّحُ بعد فترة ما كتبتْ .. كنتُ أُ شعُر بما يشبهُ فرحَ الشاعر أو المبدع عندما يُنهي عملاً فنّياً يريدُهُ أن يرى النّور.. ثمّة شطْحاتْ في الفِكْر و المشاعِر تتفوّق على ماكنتُ أصَنّفهُ في السّابِقْ كيوميّات أو مذكّراتْ ..
– في الصّف الحادي عشر الأدبي _ لم يكن والدي كمُدَرِّس لمادة الرّياضياتْ – راضِ عن دخولي هذا الفرع لكنّهُ سلّم بالأمر الواقِع لعدم حبّي لمادة الرّياضيّات لكنّهُ اشترطَ عليّ دخول الأدب الإنكليزي .. .. لقدْ نجحَ في كبحِ جماح رغبتي في دخول الأدب العربي أو الفلسفة! كنّا نتعلّم المقامات البغداديّة و أذكرُ بشكلٍ خاص مقامات بديع الزمان الهمذاني ، و كنّامطالبون بكتابة مقامة من ذلك النوع. كتبتُها بحماس و جاء دوري لقراءتها أمام الصف .. كنا انعاني ما نعاني من أزمة الزحام في مدينة حلب و كان هذا موضوع المقامة.. كنتُ أرتعِش و أنا أقرأ أمام جمهور كنتُ أراهُ عريضاً و ساخِراً في ذلك الحينْ هو الصّفْ ، و لجنة تحكيم صارمة مؤلّفة من مدرّسة للّغة العربية. أثارتْ مقامتي الحلبيّة موجةً عارمة من فقاعات الضحك التي كانت تنفجر بين المقطع والآخَر .. كانتْ ساخرة إلى حدّ البكاء.. و مارافقها من سجع و طِباقْ منَحَها دايناميكيّة موسيقيّة!
تغّيّرت معاملة معلّمة اللغة العربية لي منذ ذلك الحين .. بدأتْ تبدي إهتماماً خاصّاً بي لكأنّ لديّ جوهرة ما عليّ المحافظة عليها . أصبحتُ مسؤولة عن مجلّة الحائط لأنّها أبدت أعجابها بخطّي الجميل أيضاً . لكنّ استياءها الوحيد مني هو عدم قدرتي الكاملة على حفظ المعلّقات الطويلة التي كانت تُفْرضُ علينا في ذلك الحين .. عمليّة الحفظ كانت بمثابة تعذيب أو أشغال شاقّة أبعدتني عن الشّعرالذي كنتُ أراهُ تقليديّاً لا يتناسب و شخصيّتي الحالِمة!
– مكتبةُ والدي كانت تغصُّ بالكتب العلميّة و الفلسفية و السياسية و الرّوائية و الدينيّة .. أمّا الشّعر فقد كان أبعَد ما يكون عن اهتمام والدي.. مؤلّفات جبران خليل جبران و الشاعر الهندي طاغورهي الوحيدة الشاعريّةالتي وجدتُها في مكتبة والدي .. كانت حقاً ضالَة منشودة لِقارئة نَهمة تبحثُ عن ذاتها بين أكوام الكتُب..و ما شدّني في تلك المكتبة أيضاً الكتب الفلسفية فحاورتُ أفلاطون و أرسطو و نيتشة و سيجموند فرويد و روايات كثيرة عربية و عالمية …,و لفت نظري أيضاً مؤلّفات كاملة روائيّة و مسرحيّة و نقديّة لأديب أسمه صدقي اسماعيل .. تحمّستُ لقراءة الكثير من أعماله بعد أن عرفتُ بأنّه ابن عم والدي و توفيَّ في السبعينات ..
– في أواخر صيف عام 1979 عصفت بمدينة حلب أحداثٌ دامية كان من آثارها حادثة إنفجار منزلنا في مدينة حلب في ذات اليوم الذي كنا قد حزمنا حقائب السفر واستقلّينا القطارْ .. احترقتْ دفاتر مذكّراتي جميعها.. صور الطفولة .. و شجرة الياسمين التي احتضنتْ تلك الطفولة .. أكملتُ السنة الجامعية الأولى في الأدب الإنكليزي في جامعة حلب ثمّ انتقلتُ إلى جامعة تشرين.. كانت روحي تفيضُ بمشاعر أعنَف من أن أرصدها بمذكّرات .. بحثتُ عن وسيلة أخرى للتعبير عن حالات التوتّر.. درستُ الموسيقا .. ووجدت مدى التقارب الفذّ ما بين الموسيقا و الشعر.. تعلّمتُ العزف على آلة الغيتارو كنتُ أقضي معها ساعات طويلة .. و حماسي الشديد لتعلّم الموسيقا و براعتي بها دفع أستاذي الموسيقا – رامي خياط –حين ذاك لأن أنضمّ إلى فرقته كانت سورية و لكن ذات طابع غربي و كانت تُسمّى (رامبلرز) رفضتُ قبل أن أعرض ذلك على والدي فنحن في مجتمع شرقي محافظ …
-عام 1982 أحداث لبنان و مجازر صبرا و شاتيلا حفرت أعمق الأثر حوّلت دمي الفائر إلى حبرٍ أحمر أكتب به
– عام 1984 شاركت في مهرجان الأدباء الشباب في جامعة تشرين تحت رعاية إتّحاد الطلبة في سوريا كان نصّاً إبداعيّاً رمزيّاً من وحي الدّمار الذي لحق بلبنان..في تلك الفترة.. كانت الأخبار التي تخدش روحي عن الأحداث .. لم أكن أشعر بأنها تقع في دولة أخرى أو مكانٍ بعيدٍ عني.. حالة الدّمار كوّنت في ذاتي روحاً جديدة من الغربة الداخليّة والإحساس باللاأمان (نورٌ و نارْ ) كان عملي الإبداعي الأول يمزج ما بين القصة والشّعر سمعتُ ما سمعت من آراء طلاب جامعة و أساتذة و نقاد و شعراء و كتب عنه في الصحافة المحلّية شعرت بروعة التحليق في فضاءات الحرف .. شعرتُ بأنني خلقتُ للقلم الذي كان ينزف من بين أصابعي حينذاك
-عام 1985 شاركتُ بمهرجان الأدباء الشباب تحت رعاية إتّحاد الكتاب العرب بنصّ آخر إبداعي رمزي يغوص في عالم الشّعر و تفيضُ منه حوارات قصصيّة مطبوعة بملامح الأنوثة الصارخة و الساخرة من سلطة الرجل فكانت ( الورقة الخضراء) هي ورقتي التي كنتُ آملُ أن تكون الرابحة. في ذات العام تخرجتُ من الجامعة –كلية الآداب قسم اللغة الإبكليزيّة.. و نشرتُ أولى قصائدي في صحيفة تشرين السوريّة- لم يكن والدي راضٍ عن نشر تلك القصيدة و لا حتى عن كتابتي في مجال الشعر.. كان يود أن يوجهَني لكتابة القصة و لم أتمكن من تحقيق رغبته هذة المرّة .. ثمة شئ كان أقوى مني بكثير .. أنا لستُ الآن في مجال دراسة أكاديميّة..رغم أني حققتُ رغبته تلك إلى الماجستير .. أمّا الآن فهو يترقب صدور أي كتاب جديد لي حتى و لو كان شعراً ! ( ومضات من وحي شاعر) كان عنوان القصيدة ونُشر النقد على هذه القصيدة بعد اسبوع واحد من نشرها كتبه الناقد والأديب السوري وليد معماري بتاريخ 31-8-1985 تحت عنوان ( قراءةٌ هادئة لقصيدةٍ هادئة البساطة الآسرة تنبئُ بعُمقٍ مُدْهْشْ )..تابعت نشر قصائدي في صحيفة تشرين التي أدين لها بتبني نشر معظم ديواني الأول ( خيول الضوء و الغربة) حتى بعد مغادرتي إلى الولايات المتحد ة في الرابع من شهر تموز عام 1986 لأرافق زوجي د. جمال الغانم الذي كان يدرس االدكتوراة في الهندسة المدنية حينذاك و كانت أيضاً مشاركتي الأخيرة في ربيع ذات العام بمهرجان الأدباء الشباب برعاية إتّحاد الكتّاب العرب بنص إبداعي يتّخذ الشّعر لغةً والأحداث قصّةً بعنوان ( منصور القرش ) ما تعلّمتُه على لسان لجان التحكيم من أساتذة جامعة و أدباء و شعراء أنهم صنّفوني كشاعرة.. و بشكلٍ خاص الشاعر السوري محمد وحيد علي الحاصل على عدة جوائز في الشّعر .. و له الآن أكثر من 10 دواوين شعريّة .. و لم أكن حتى تلك اللحظة أدرك ما معنى أن يكون الشاعرُ شاعراً و كيف يكون أو لا يكون! و لكن بالتأكيد .. كنت أدرك بأنّ القلم يجب أن يكون حاضراً حتى في أوقات القراءة .. فلم يسلم من خربشاتي و توقيعي أيَّ كتابِ أقرأ !!!
س2
الكتابة بلغة اخرى و لسان ثان خاصة عندما يكونان من مركز ابداعي واحد ؟ هل يتمخض بنفس الرؤية والجمال والقوة . ام انه ابداع شخص ثان يسكن داخل مملكة الشاعر.؟
إنَّ مخاض القصيدة لدى الشاعر هو ذاته لا يتغيّر في أيّة لغةٍ يكتب لأنّ الثابت هو روح و غاية إنّها روح الشاعر و أفق خياله و تجربته و أحاسيسة ، أمّا المتحوّل فهو اللغة و هي مادة ووسيلة و جسد لتلك الروح. إنَّ رؤية الشاعر لن تتغيّر بتغيّر اللغة أمّا جمالّية قصيدتة و قوّتها ، فهذا تلعب به اللغة التي يكتب بها أو يترجم إليها و درجة تفاعله معها تلعب دوراً كبيراً أيضاً.
الشخص الثاني هنا هو اللغة الثانية ، وهي وسيلة أو أداة تنقل رؤية الشاعر و أحاسيسة . أمّا روح الشاعر و خياله و آفاقه الشعرية لا تتغيّر بالتأكيد. لكن ليس كل اللغات تحمل خواص متطابقة لتقدّم للشاعر مناخاً رحباً و جماليّة مماثلة لنتاجه الشعريّ . إنَّ تعاملي مع اللغتين العربية و الإنكليزية في مجال الكتابة و الترجمة يوصلني أحياناً إلى أنني في معركة حقيقيّة أواجهها في هذا المجال. إشكالات تثبت لي تفوّق لغة على أخرى . العربية على الإنكليزية بدون منازع و البراهين كثيرة جداً يدركها أساتذة و طلاب الأدب المُقارن بالتأكيد، و لا يمكن أن تمر تجربتي هذة دون ذكر من أسدى لي الكثير من أسرار هذة الثنائيّة اللغويّة و تفاعلهِا مع تجربتي الشعريّة سواءً عن طريق الترجمة أو كتابة القصيدة باللغة الإنكليزيّة تحية إلى أستاذي و رائدي في هذا المجال الدكتور قحطان المندوي .
إنني
أرى ذاتي الشاعرة امتداداً لتجربة جبران خليل جبران الشعرية. جبران الذي ولد في لبنان و جاء شاباً إلى الولايات المتحدة. جبران الذي أدرك بأن الشعر رسالة لها من القدسية و النبوة و الروحانية ليكرَّس حياته لأجلها فكتب كتاب النبي باللغة الإنكليزية . جبران الذي كتب نصوصه باللغتين العربية و الإنكليزية. جبران الذي كتب قصيدة النثر كما قرأناه في العديد من كتبه ككتاب (السابق) و( دمعة و ابتسامة) و (رملٌ و زبَد). كما كتب الشعر الموزون و لكن بلغة عصره بل مابعد لغة عصره حيث امتزجت الروحانية بالفن و بالنبؤة . كما نرى في قصيدته الطويلة المواكب والتي تحتل كتاباً بأكملة الذي يرسم عبرها عالم الغاب الفاضل و التي يقول فيها: (فاعلاتن) بحر الرمل
هل تخذت الغاب مثلي منزلاً دون القصور
فتتبعت السواقي و تسلقت الصخور
هل تحممت بعطر و تنشفت بنور
و شربت الفجر خمراً في كؤوسٍ من أثير
س3
من ديوان ( اشتعالات مُغتربة) الى ديوان (اغنيات الروح) كانت( خيول الضوء) في امريكا تنوء من غربة الجسد والبيئة .كيف كانت الشاعرة اباء توازن بين قلق الغربة وحنين الوطن في الشعر؟
بالتأكيدالغربة قلق .. و هاجسٌ وضع سمة و بصمة على نتاجي الشعري .. و الحنين هو حالة الإندماج الروحي بالوطن تخفف من تباريح هذا القلق.. الغربة تستحمُّ بعطر الحنبن دائماً و أبداً .. لكنَّ الغربة شعريّاً كما تجلّت في نتاجي الشعري هي أعمق من مجرّد أداة للتعبير عن كونهاعملية إقصاء عن الوطن في الزمان المكان و الحنين إليه .. إنّها إسراء روحي من خارج الوطن إلى داخله .. و تلمُّس جراحاته و الوقوف على أطلاله أحياناً …. لقد أعدت صياغة مفهوم الغربة حتى تعددت معانيها في قصائدي كما جسّدتْها ذاتي الشاعرة ( فالغربة جوعُ الأرض و توق للحريّة .. الغربةُ قهرٌ واحد .. و دمٌ يمشي فوق العشب) و الغربة من الغرابة أيضاً و الحنين هنا متوحد مع الغربة ليكِّونا روحاً جديدة عاشقة للحظات الدهشة و الفرح ( غريبان نحنُ .. حدائقنا طافحةٌ بالزهور وأناشيدنا صاخبة ) و قلق الغربة أيضاُ يتدفق ليصب في مجرى الحنين إلى أمي و مثيلتها أمنا جميعاُ – الأرض- و بما فيهما من ازدواجية خرجت بشكل تلقائي و غير مُفلسف هذة المرة في نسيج القصيدة ( أضيءُ يديكَ / كأنّي نجمةُ صبحٍ غريبةْ/ أضيءُ يديكَ كأنيَ في الشِّعرِ نورٌ بهيٌّ / يطيرُ إلى أرضِ أمّي الحبيبة )
س 4
للاطفال لغة صعبة والولوج الى عالمهم البرئ يتطلب مغامرة مهذبة ؟ هل مخاطبة الاطفال هو تنازل في وظيفة الشعر. ام انه ولادة اخرى وكاملة للشعر لكن بادوات بسيطة
من المهم إذن أن تعرفوا كيف تولد قصيدة الطفل لديّ. أعلم جيداً أنني كبيرة لكن في أعماقي طفولة نائمة بهدوء مقيمة في حالات اللا وعي ربّما .. في ظرفٍ ما .. و لسببٍ ما تُستَفزُّ هذه الطفولة .. تستيقظ من سباتها الطويل و تتمرّدُ عليَّ وأنا لم أعُد أنا . أُ صاب ُ بحالة شيزوفرينيا غير مرضيّة .. يمكنكم اعتبارَها شيزوفرينيا ابداعيّة .. أتقمّص شخصيّة طفل أو طفلة أو مجموعة أطفال يريدون أن يقولوا شيئاً عن عوالمهم البريئة.. فأكتب بسلاسَة و بتلقائيّة جميلة لم أعهدها في تجربة كتابة القصيدة للكبار.. ليس استسهالاً للكتابة بل هي حالة تملَّكتني .. لا شكَّ بأنَّ أمومتي تلعب دورها.. في إدراك معنى الطفولة العميق .. و مخزوني الطفولي .. و أدواتي الشعريّة و لعلّي مَدينةٌ أيضاً للكاتبة الأمريكيّة فرانسيز وومسك التي كانت تتابع دراستي و تشرفُ على كتاباتي في معهد الكتابة للأطفال .. و تصلّح أخطائي ..نعم كما ذكرتْ فقصيدة الطفل هي ولادة أخرى و كاملة للشعر و تتطلّب موهبة و تلقائيّة وتجربة و معاناة غير قسريّة و أدوات شعريّة نظيفة و مهذّبة على أن لا تكون خالية من ألق الطفولة البريء .
س5
تقول الشاعرة لميعه في مقابلة سابقة ان امريكا لاتحب الشعر ولاينبت في تربتها .هل هو انتهاء لعصر الشعر ام ان الشعر عندما يغادر الشرق يصاب بالجنون؟
– أولاً .. أنا أحترم رأي و رؤية الشاعرة لميعة عباس عمارة . وهي تعني ما تقول فالتجربة خير برهان كما يقولون .. بل و أذكر أيضاً قولها بأنَّ أمريكا هي بلد الدولار .. كل هذا صحيح و لكن أليس لكل شاعر خصوصيّتة في تجربة الكتابة و المعاناة في غربته الزمانيّة و المكانيّة بل و الروحيّة أيضاَ( في زمنٍ لم يعُد يشبهنا .. لم نعُد نشبهه) كما يقول الشاعر الراحل نزار قباني؟. أمّا أن يُصاب الشّعر بالجنون سواءً غادر الشرق أم لا فهذا من حقّه ، شرط أن يكون مقروناً بالإبداع.. أي أن يكون الجنون محلِّقاً في أفقِ الخيال الخصب و ليسبق عصره إن شاء .. فمنذ الأزل و المبدعون متّهمون بالجنون!!!
– ثانياً .. في ضوء خصوصيّة تجربتي أقول: بأنّي في حالات الكتابة لا أعي أين أنا.. في أمريكا أم في سيبريا .. في حديقة أو زنزانة .. في حالة حرب أو سلم .. في صحراء أو على شاطئ البحر أنقش قصيدة على الرمل بأناملي أو وراء كومبيوتري أضغط أزرار الذي يسمى بالكي بورد .. كلُّ هذا لا يهمني .. عالمي الشعري الجوّاني هو الثابت و لن يوقفني عن الكتابة .. و الباقي متحوّلات مهما تغيّرت .. فقصيدتي ستُكتب لكن ألوانَ أحرفها هي التي ستتغيّرسواءً بلون الدم أو البحر أو التراب أو النار.
كلمة أخيرة …
* طالما أنّ هناك دوائر ضوء ثقافيّة بدأت تنشر إشعاعاتِها وشفافيّة حضورها في فضاء ميتشغن، فالثقة بالإعلام العربي في المهجر لا بدّ وأن تحملَ معاني الألفة بينها و بين المبدعين من الداخِل و الخارج.
كتب في قسم: حوارات الورد والريح | لا توجد تعليقات | 2٬488 views