ديسمبر 28th, 2008 بواسطة إباء اسماعيل
الصحفي عادل سالم / ديوان العرب / يحاورني
– كيف يمكن أن نصف الكتاب العرب في المهجر؟
مجتمع أدبي ثقافي إبداعي متكامل وغني يحمل ذات مواصفات المجتمعات الأدبية والابداعية والثقافية في العالم العربي . ولكنه مصغَّر ومتعدد الجنسيات وأكثر جرأةً وانقتاحاً على الثقافات الغربية التي يقيم فيها ، ولكن ليس بالضرورة أكثر إبداعاً أو تميّزاً!
تماماً كما في العالم العربي، التيارات الأدبية والشعرية تأخذ منحاها ، والصراعات الحداثية والتقليدية يمكن أيضاً رصدها بدقة.
هل هم جزء من أمتهم التي هاجروا منها أم أصبحوا جزءا من وطن جديد يحلمون به؟؟
الإثنان معاً . سأنطلق من تجربتي كشاعرة مغتربة في الولايات المتحدة الآن لأكثر من عشرين عاماً. وهذا ينطبق تقريباً على الجميع، بما فيهم الجيل الثاني من الأدباء الأمريكان من جذور عربية الذي يمكنك أن تقرأ شرارات قلمهم وهي تنبض بوطنين: الأول ذلك الذي سمع عنه من والديه ، وذلك الذي نشأ فيه . إن أي انسان سواءً كان أديباً أم لا، يحمل في وجوده الانساني طاقتين: الإولى ماضيه وتاريخه البعيد وانتماءاته القديمه بحجم وطن ، والثانيه عالمه الحديث جداً الذي يستوعِب حاضره ومستقبله ، وكل ما تحمله روحه من أعباء وآمال. تنصهر تلك التجربة الانسانية في ذات المبدعين لتشكل حالة متميزة في أدبهم وفكرهم وإبداعهم ، ابتداءً من تعاطيهم مع لغتين ، إلى وطنين ، إلى شعبين ، إلى تناقضات مثيرة للجدل قد تودي بالبعض للعيش في حالة شيزوفرينيا انسانية وابداعية في آن ، ولكنها حالة صحية وطبيعية على ماأرى ، لأنها تشكل حالة انسجام في النهاية مع ذاته كمبدع.
3- ما هو دوركم في الوسط الذي تعيشون فيه (الولايات المتحدة) هل استطعتم الوصول للقارئ الأمريكي؟
لدينا أولويات ، وأولوياتنا إنعاش الحركة الأدبية والثقافية العربية في المهجر الأمريكي باللغتين العربية والانكليزية من خلال إقامة الأمسيات الأدبية و الندوات الثقافية الشهرية ونشر كتاب نصف سنوي يعكس تجربة الأدباء العرب الأمريكان في اللغتين العربية والانكليزية ، وكذلك لانستثني عطاءات الأدباء العرب في الداخل. ولكننا في ذات الوقت ، نأخذ بعين الاعتبار المتلقي باللغة الانكليزية سواءً كان أمريكياً أو ناطقاً باللغة الانكليزية ، سواءً في إقامة الأمسيات الأدبية والندوات أو المنشورات، جميعها تستوعب المتلقي العربي في الداخل والخارج ، والمتلقي الأمريكي ، لأن الكثير من المشاركين في الأمسيات تكون قرءاتهم باللغة الانكليزية.
– ما الذي استطاع كتاب المهجر أن يضيفوه إلى الحركة الثقافية العربية؟
هذا السؤال الموسوعي يصلح لأن يكون عنوان كتاب!! ولكن كمحاولة مني للإختصار أقول:
كل كاتب أو مبدع مهجري بالتأكيد أضاف ليس فقط للحركة الثقافية العربية بل الأمريكية أيضاً . الحالات متفرِّدة ولا يمكن في هذا السياق تعميمها على الجميع. من المفروض دراسة نتاج كل كاتب على حدى كي نصل إلى النتيجة المرجوة.. أرى بأنّ الحركة الثقافية العربية في الولايات المتحدة ليست أكثر تطوراً مما هي عليه في العالم
العربي .وما أضافته إلى الحركة الثقافية العربية هو إنتاج إبداع مُغاير من تقصيه مناحٍ كثيرة كالترجمة من وإلى العربية والتطور المقصود به هنا الإبداع و الحداثة و الجودة . هي في بعض الأحيان ربما أكثر جرأة من حيث المضمون.
– هل تكتبون أو تصورون في إبداعاتكم مشاكل العربي المهاجر أم لا زلتم مربوطين بالماضي وبحارات الشام وعمان والقاهرة وبغداد؟
لا أسمح لنفسي أن أتحدث بلسان كتاب المهجر جميعاً. لكل كاتب خصوصيته وتجربته وعطاءه الابداعي المختلف . هناك مَن الشعراء والكتاب ممن التزموا هذا الخط بشكلٍ عفوي دون أن يقفوا عنده ، وعلى النقيض ، هناك من الكتاب والشعراء ممن انغمست كتاباتهم في الأجواء الأمريكية وتفاعلوا معها بشكلٍ كامل ودائماً هناك حكايات الأب والأم والجدة حول الوطن الأم الذي لم يعيشوه بل كان تاريخاً وقصصاً من حكايات الأهل والأجداد . معظمهم وصل الخطين معاً ، فالمبدع هو في النهاية انسان، والانسان هو ابن ماضيه وحاضره ومستقبله عاش ويعيش ويتفاعَل ويصنع ويحلم ويبدع ، وعملية الانصهار في هذه التجربة الابداعية أكبر من أن تتشكل من مساحة لونية بيضاء ونقيضها المساحة السوداء!!
– لنعد لك سيدة إباء، تكتبين الشعر منذ سنوات، فهل تشعرين برضى عن قراء الشعر أم تشعرين أن من يقرأون الشعر في انخفاض دائم؟
بعد دخولنا إلى عالم النت، كشاعرة أقول: أنّ الأرقام التي تخطف بصري على الشاشة الألكترونية وعدد قرّاء الشعر هم في ازدياد مذهِل . أؤمن أن القارئ العربي من خلال تواصلي الدائم معه هو قارئ مثقف ويميّزجيداً مايقرأ من شعر . هو في كثير من الأحيان ، ناقد جيد أيضاً . وفي أحايين أخرى، إما مادح أو هجّاء!!! أحياناً أشعر بأن القارئ العربي ينجرف بمشاعره أكثر من عقلانيته وهو يعبر عن موقفه من عمل أدبي ما وبشكل خاص مايتعلق بالشعر. لربما هذا ينطبق أكثر على القراء الذين هم في سن الشباب المبكر .
– ما رأيك بما أفرزته الشبكة العنكبوتية من ثورة في المعلومات، هل أثر ذلك على الشعر إيجابا أم سلبا؟
شبكة الانترنيت كما ذكرت في السؤال، أفرزت ثورة في المعلومات ، بل وأكثر من ذلك. أدى هذا إلى انتشار كل شيء على الشبكة وتواصل كل أحد بكل أحد: الشعراء بالشعراء ، الشعر بالشعر والشعر بالنثر ، شعراء المهجر بشعراء العالم العربي ، الشعراء الشباب بالشعراء الأكبر سناً وخبرة ، شعراء المغرب العربي والخليج العربي بشعراء بلاد الشام وشعراء المهجر .. يا لهذا المزيج!! النتيجة هي حالة انصهار وتفاعل بين الأدباء والشعراء.. تفاعل خبرات ، حوار ثقافي أحياناً حاد بسبب اختلاف العوالم الشعرية التي تحملها صياغة كل شاعر انطلق من بلد ما ، ويحمل ثقافة ما … وأحياناً حالة اكتشاف مضيئة تُغني تجارب الشعراء ليبدعوا أكثر فأكثر .. الشعر انتشر كالماء والهواء والنار .. وعملية البحث باتت خصبة ومدهشة .. مع كل هذا ، تبقى بعض المشاكل العالقة ، شعرياً، موضوع حديثنا ، وهناك مشاكل أخرى كثيرة أخرى لامجال لذكرها هنا . الفرص متاحة لكل من يريد أن ينشر ما يريد في مواقع كثيرة ويسمي هذا شعراً ، أما عن اللغة ، فحدِّث ولاحرج !!!! الأقلام الشعرية الجديدة التي نقرأ ونتابع لها ونتحمل مسؤولية بعضها نحن بما نقوم به من تشجيع وإمساك يدهم و الأخذ بهم إلى مسارات حقيقية وصحية وصحيحة في مجال الشعر، كثير منها ، وبشكل خاص تلك التي لاتريد أن تسمع الآراء النقدية لتغير وتتطور وتصقل موهبتها ، تستعجل كلمات الثناء والمديح، فبدلاً من أن تتعلم وتطور نفسها ، تبتعد عمن يوجه إليها النقد البناء ، وتتجه إلى مواقع تكيل إليها المدائح لتصنع شيئاً شعرياً من أوهام شعرية – وما أكثر تلك المواقع التي تأخذ الطابع التجاري الذي يخنق أنفاس الشعر بما يحمل من هواء نظيف – لكن ، بشكل عام ، مجتمع الشعراء ، شرقاً وغرباً شمالاً وجنوباً ، رغم تناقضاته ، بما يحمل من كلاسيكية وتقليدية وتفعيلية ونثرية الخ ، أشعر بأنه بدأ يتواصل إلى أفق يتقارب ولو ببطء ليستوعب كل واحدٍ الأخر حتى ولو لم يتبنَّ وجهات نظره .
– هل نستطيع القول أن الكتاب العرب المهاجرين قد تأثروا أو أثروا في الكتاب الأمريكيين؟
ضمن خبرتي وتواجدي في الولايات المتحدة تحديداً و لواحدٍ وعشرين سنه أقول:
الكتاب العرب الأمريكان الذين ولدوا في الولايات المتحدة ويكتبون باللغة الانكليزية هم أكثر تأثراً وتأثيراً في الثقافة الأمريكية. لأنهم دخلوا في نسيج المجتمع الأمريكي من الداخل . خذ مثلاً الراحل د. ادوارد سعيد ، الصحفي ريموند حنانية الشاعرة نعومي شهاب ناي والشاعر د. خالد مطاوع وغيرهم… الفئة الأخرى هي التي استقرت في الولايات المتحدة في سن الرشد ، تكتب باللغة العربية ولكنها على تواصل مع الثقافتين العربية والأمريكية وتنشط في مجال الترجمة ، تحقق معادلة ما من حيث التأثر والتأثير. الفئة الثالثة وقد أصبحت قليلة نسبياً ولكنها موجودة فعلاً. هي تلك الفئة البعيدة كل البعد عن التأثير والتأثر بالكتاب الأمريكان ويالثقافة الأمريكية وتكتب باللغة العربية بروح عربية كما لو أنها نسيج أو خلية هاربة من بلد عربي ما ومازالت تحتفظ بخواصها العربية الأصيلة غير المؤثرة وغير المتأثرة بالثقافة الأمريكية.. في الواقع، تحضرني أسماء كثيرة جداً ومعرفة شخصية بالفئات الثلاثة . وهذه جديرة فعلاً لأن يُكتب عنها في موضوع منفصل.
9-ماذا لديكم من مشاريع مستقبلية؟؟
طموحاتنا كثيرة ولكن علينا بالمقابل أن نكون واقعيين كي تكون خطانا قائمة على أرضية ثابتة لها مصداقيتها .
نفكِّر جدياً بإقامة مهرجان سنوي للمبدعين العرب الأمريكان يشمل معرضاً للكتاب ، معرضاً للفن التشكيلي، و محاضرات وأمسيات أدبية، شعرية وندوات ثقافية . وهذا يرفد و يكمل ما نقوم به الآن من إقامة أمسيات وندوات شهرية نستضيف فيها أدباء وشعراء ومحاضرين وفنانين ونلقى تجاوباً من التغطية الصحفية ومن الحضور الذي رغم تواضعه – يقتصر للأسف على النخبة- رغم أن الأمسيات مفتوحة والدعوة عامة ومجانية ، لكن من الواضح أن الجالية العربية الأمريكية تفضِّل أن تحضر أمسية لنانسي عجرم أو وعمرو دياب مثلاً على أن تحضر أمسية أدبية لرابطة القلم العربية الأمريكية!
10- هل يقرأ أطفالك ما تكتبينه وكيف يتعاملون مع انشغال أمهم في الأمسيات الثقافية؟
إن الأدب المخصص للكبار يقرأه الكبار . ولا أرى من المناسب الآن أن أطلعهم عليه.
ولكن النصوص والقصائد التي أكتبها للأطفال، تلك التي أطلع الأولاد عليها في الوقت الحالي. عندما يكبرون، ستكون جميع أحرفي بين أيديهم ولهم.
هم في كثير من الأحيان يحضرون الأمسيات والمحاضرات الأدبية والثقافية وليس المهم جداً أن يستوعبوا كل ما يُقال، بل الأهم أن يعيشوا تلك الأجواء الثقافية ويستوعبوا أهميتها. وأهمية ما نقوم به .
كتب في قسم: حوارات الورد والريح | تعليق واحد | 2٬495 views
اجدتي في الاجابة