فبراير 9th, 2009 بواسطة إباء اسماعيل
نشرت في صحيفة الوطن السعودية
تجربتها الشعرية تدرس جامعياً تحت إطار أنثولوجيا شاعرات المهجر
إباء إسماعيل: المسابقات والمهرجانات الشعرية لا تقيس جودة الشعر وحريتي في البناء مطلقة
أبها: مها أبو النجا
قالت رئيسة اللجنة الثقافية في رابطة القلم العربية الأمريكية الشاعرة إباء إسماعيل “إن شرط الإبداع مقرون بالحرية، حرية المبدع كمنتج لفكر وثقافة وطروحات جمالية ومعرفية تفرضُ نفسها ولايفرضها هو على الآخرين سواء كانوا قراءً أو طلاباً أو أكاديميين”.
وأضافت أن “الدكتورة لطيفة حليم أستاذة الأدب العربي المعاصر في جامعة محمد الخامس في الرباط اختارت تجربتي الشعرية لتدريسها لطلابها وأدخلتني في مجال بحثها في أنثولوجيا شاعرات المهجر الذي كان أطروحتها لنيل شهادة الدكتوراه، لقد تلقيت النبأ بفرحة طفلة حصلت على هدية لا تقدر بثمن لأن طموحي الشعري أن يكون لي تأثير ما في التجربة الإبداعية والأكاديمية للجيل الجديد القادم. بعيداً عن أضواء المهرجانات والمسابقات الشعرية التي أنا لست ضدها بل أحترمها ولكني لا أعول عليها كثيراً في مقياس جودة الشعر أو عدمه. ونجحت التجربة مع طلابها الذين وجدوا ذواتهم داخل قصائدي وكررت التجربة لثلاثة أعوام على التوالي بنجاح بشهادة الدكتورة لطيفة”.
وعن حريتها تقول: “حريتي شعرية وإنسانية بحتة لا محدودية فيها مع البناء، والبناء لا يعني بالضرورة الهدم، ثقافة الهدم أتت من الخارج الذي لا أشعر بانتمائي له.
جاء ذلك في حوار مع “الوطن” حول مفهوم حرية الشاعر في فهم الأمور من وجهة نظره وكيفية نقل ما فهمه بذاته إلى الطرف الآخر كون شعر إباء يدرس لطلاب الأدب العربي في جامعة محمد الخامس في الرباط فإلى الحوار:
* من هي إباء المعاصرة بما تبثه من أفكار قد ترضى عنها أم تحيرها في مجمع القلم العربي الأمريكي للموازنة بين ثقافتين؟
– أرى بأن المُعاصرة كما أحتويها أو تحتويني كإنسانة أولاً وكشاعرة ثانياً تشبه البحر بتياراته المتناقضة الصاخبة المجنونة جداً بعوالمها وعولمتها التي تتأرجح ما بين أنسنة الحيوانات باجتراح ما لديها من ذكاء وبراعات جسدية وعقلانية – من غير وعي ربما – وما بين عملية تسخير للكثير من المخلوقات البحرية البريئة الصغيرة كي تكون عرضةً لتيارات الحيوانات المفترسة منها. والأكثر من ذلك، عرضة لأيدي العقول المدبرة التي تدعي الإنسانية كي تساهم في إبادتها.
وعلى مدى عشرين عاماً من الغربة تعودت أعماقي على النظر بعينين مختلفتين لأغوص في رؤياي للعالم من حولي.. عين على الوطن الأم، وأخرى على وطن الاغتراب. وكلما بدأت ملامح فجرٍ جديد انعقد فوق شفتي المزيد من الأسئلة حول هنا وهناك، حول العولمة والإسلام، حول ثقافة الدولار وثقافة المسجد الأقصى، حول قيم والت ويتمان وقيم المعري، حول البوح والتكتم، حول مفاهيم الإنسانية الغائمة، حول المسألة النسبية التي تناقض ذاتها ما بين إثبات خطأ الصحيح وصحة الخطأ. وحول الوطن العربي برمته من محيطه إلى خليجه لا أقوى إلا أن أعشقه بجنون شاعرة تدرك كنه الغربة وسر البراءة؛ براءة الوطن، وبراءة الكلمات وخصب الروح في صدقها دون فذلكات العولمة الملوثة بالنوايا السوداء.
أسئلةٌ أعمق وأشد حدةً تسكنني. ما الأهم؟ حرية الجسد أم حرية الروح والضمير؟ الجسد الذي يموت والروح التي تبقى مشعة بنور المحبة والسلام تماماً كالضوء، ديموقراطية الهدم أم ديموقراطية البناء؟ الهدم الذي لا يخلق خلقاً مبدعاً بل يختلِق ما هو مُبتدع، مازالت أسئلتي حلم يحلُم بتحقيق ذاته!
أما حريتي فهي شعرية وإنسانية بحتة لا محدودية فيها مع البناء والبناء لا يعني بالضرورة الهدم، ثقافة الهدم أتت من الخارج الذي لا أشعر بانتمائي له.
وحرية الشكل – للقصيدة – وحرية المضمون الذي يبني ويُعمق ويقتحم ويكتشف بدهشة طفولية وينبش الجرح كي يزيل آثار التلوث في الدماء؛ هي عملية بناء للروح وما اللغة الشعرية سوى الوسيلة، وأحرفها معلقة على جدار أمنياتي وهواجسي ورغباتي ونبضي الشعري الذي لا ينفصل عن الآخر الذي يشاركني العملية الإبداعية مرة ثانية من خلال قراءته لها.
* صور إباء متعددة التأويل يتولد معها الغربة والحنين والعذاب بصورة مازوكية، فكيف تدفعك نحو مفردات موحية بالتفرد؟
– إذا كان تعريفنا للمازوكية اجترار اللذة من الألم، أو متعة تعذيب الذات، فالشعر كحالة يعيشها الشاعر فيها الكثير من المازوكية (غير المرضية) بل إنه الطبيب الذي يُعالج نفسه أولاً وكل من عاش تجربته أو يرغب في معايشتها من خلال فعل القراءة. الشعر في ذات الشاعر هو حياة جديدة متجددة يعيد صياغتها كي يُخرج من ذاته وذات الآخرين والعالم من حوله بعض الأشواك والدمار الذي كاد يُغرِق العالم بطوفانه المدمر.
إن تجربة الشاعر بخصوبتها وصدقها وشفافيتها و(مازوكيتها ) كما أحببتِ أن تسميها تخلق عوالمها الشعرية وتفرض خصوصيتها الإرادية واللاإرادية. وكلما تجذرت المعاناة وأمعنت في ذات الشاعر، اغتنت تجربته الشعرية وتفردت بيد أن هذا لا يأتي من الفراغ، فالشعر ليس تجربة وحسب، بل هو عمل إبداعي متكامل بالغ التعقيد.
منحتني الغربة أنامل حانية بيضاء أقرأ من خلالها ملامح الوطن بروح العاشقة المتلهفة إلى القفز على أكتافه الخضراء كطفلة لا تعرف الخوف. بيد أنها تتوجس خيفةً حين ترصد عذاباته وتراه من البعيد قريباً.. قريباً كالحلم وكالتوهج كالأب وكالحبيب وكالطفل الذي فقدته منذ طفولتهما.
* تجربتك مع الأطفال في ديوان “ضوء بلادي” خطوة متميزة وجريئة لا يدنو منها شعراؤنا تلك الخصوصية ماذا أضافت لإباء كونك اقتربت من فئة مهمشة في العالم العربي؟
– اندفعتُ بكل طفولتي وتدفقتُ في تيار الطفولة المائي العذب الشفاف ولم أستيقظ من حلمي الشعري الطفولي حتى هذه اللحظة. انطلاقتي الجريئة البريئة كانت مقصودة بالتأكيد ولكنها غير مُفتعلة. لم أقسر الشعر على صنع قصيدة طفولية. كيف يمكنني أن أفعل ذلك وقرائي التقطوني متلبسة بحالات طفولية وأنا أكتب لهم – للكبار- ولم أفكر لحظة واحدة ماذا أضاف لي ديواني الطفلي “ضوء بلادي” الصادر عن اتحاد الكتاب العرب لهذا العام. بل ما كنت أفكر فيه وأخشاه هو إحساسي بالرهبة أمام الأطفال -قرائي- هل دخلت قصائدي أعماقهم كما يحبون؟ هل أصبحتُ صديقة لهم كما أطمح؟ هل ينتظرون مني المزيد. ها أنذا أعِدهم بديوان آخر أعده لهم. هل سأفقد طفولتي الشعرية بعد عشرة أعوام ضوئية أو شمسية و… هل حقاً الأطفال هُم فئة مهمشة في بلادنا؟ لا أريد أن أرى ذلك بل أراهم عصافير الوطن الجريح، فضاءات ملائكتنا الصغار قد تكون ملوثة بالغبار والدماء والهواء الملوث لكنهم رغم ذلك يمتلكون أجنحة تمكنهم من التحليق كي يأخذوا نصيبهم من الهواء النقي.
كتب في قسم: حوارات الورد والريح | عدد التعليقات 2 | 2٬749 views
مرحباً إباء
أحييك على هذا الموقع الجميل والمميز
أحضر دراسة عن أدب الأطفال
ويشرفني أن أحصل على نسخة من ديوانك ( ضوء بلادي )
ولك ِ بالغ مودتي
عنواني
سورية ـ دير الزور ـ ص.ب 259
Salam Ibaa, I began reading Maha Abunnaja’s article before I put the girls to bed and couldn’t wait to come back and finish it. How deep and profound; I’m greatly touched. I still have a lot more to explore in this wonderfully crafted website. I could smell my beloved Syria through your words. I could see its history and wondrous beauty passing right in front of my eyes. Thank you very much for sharing. I wish you success and fulfillment forever and ever. Maya
P.S. Sorry, I don’t have Arabic letters on my keyboard