الرحلة/ قصة : عيسى عبد الملك
مايو 14th, 2013 بواسطة إباء اسماعيل
الرحلة
قصة: عيسى عبد الملك
قصة: عيسى عبد الملك
ركب القطار .كاد أن يصل .صارت الحركة بطيئة . تأهب الركاب للنزول ودعه بعضهم ملوحا . تلك اليافعة الجميلة الهادئة ، رفيقة الرحلة نهضت رشيقة مسرعة خطفت منه قبلة . وداعا سرني لقاؤك لكنه لقاء محطات الحياة، لابد من فراق . قالت على عجل .خنق صيحة لا ترحلي فربتت على كتفه ومسحت دمعة على خد من عجين ورود ..وداعا اذكرني طيفا أو ذكرى قالت وقفزت بخفة انطفأ في داخله شيء يشبه ضوء شمعة . لقد كانت هنا كحلم .الحركة ازدادت تبادل البعض قبلات وداع وبعض الكلمات. مثلهم أعد حقيبته فقد تعلم ذلك . قبّل واحدة على رصيف ذات يوم فشكرته . كان خائفا أن تصفعه. كم أنت جميلة قال . صفقت وراحت تقفز شكرا ، شكرا كم أنا ممتنة لك ، قالت .نزل مهرولا .كان مكبر صوت بلغات شتى يوجه الركاب .يعلن أسماء المدن وأوقات الرحلات وأرقام الأرصفة . يحث على الإسراع. هذا الصوت يقصده فهو الوحيد بطيء.تائه مندهش .أطرش في زفة عرس . مثلهم ركض بدافع الحث والخوف والقلق .أكثر من دعاء السفر .قفز خطوط السكك .نط من عربة فارغة لأخرى .قطارات ضخمة دون صوت تتحرك في كل الاتجاهات .وأخرى جاثمة . الناس لا يتلفتون مثله مبرمجون ككل شيء عندهم لم يُلق احد عليه تحية ولم يسأله متطفل .اجتاز العربات ركضا .صوت المكبر يجلده يحثه يربكه .أمر لم يعتده في بلاده . قطار واحد بليد بعربات قديمة لا يعبأ بالوقت والنظام هناك . قطار يقطع الزمن بسكين عمياء كما يقطع الإنسان .هنا كل شيء مختلف .لا خيار له . يتعلم أو تسوي عظامه عجلات عربة ضخمة لا ترحم . خرج من عربة فارغة بقفزة .هاهو القطار المقصود أمامه .القطار يطلق الصفارة الأخيرة ..يعلن بدء الرحلة ..تسارعت أنفاسه .التفت ليسأل لا أحد واقف يقتل الوقت يسبح ، يلف سيجارة ، يثرثر ، يغتاب جارته أو يفتخر بأمجاد عشيرة كانت تقطع الطريق حتى .هنا كل شيء يركض يسابق الزمن .لا أحد يمشي الهوينى مثله ..آه ، إنه قد وصل .صعد .جلس .حدق فيه ثلاثة رجال ثم راحوا يقرأون .يتصفح الأول جريدة . الثاني كتاب طب والثالث ديوان شعر .هو كان لديه نصف دجاجة محمص وقنينة خمر وعلبة مانع حمل شفاف .أتى على الطعام .عبّ القنينة ثم غفا .لقد كان منهكا من رحلة طويلة …عند الفجر تمطى .فرك عينيه .كان وحده في العربة والقطار واقف فرك عينيه.. .أخذ حقيبته على عجل .علقها بكتفه وأسرع نحو الباب . لم يصدق ما رأى . واجهته الساعة الضخمة الكبيرة .ساعة المحطة .قُربها الكشك الذي تعشى عنده الليلة البارحة واسم المحطة ,أيعقل هذا.ركض مذعورا نحو الكشك .حياه البائع مشفقا بابتسامة من يعرفه .