مقدمة بقلم : محمد وحيد علي
نوفمبر 1st, 2008 بواسطة إباء اسماعيل
في سياق تجربتها الشعرية … تبدو الشاعرة ( إباء إسماعيل ) صوتاً شعريّاً جاداً ومثابراً … وهي تتابع مسيرتها بكثير من الاجتهاد , باحثةً عن هديل صوتها الخاص وآفاقها الشعرية المأمولة… وقد تسنّى لي متابعة تجربتها منذ بداية تفتّحها على مقاعد الدرس في الجامعة , وصولاً إلى مجموعتها الشعرية الأخيرة … وكنتُ أحد المشجّعين والمتحمّسين لهذه التجربة …
وقد كتبت إباء قصيدة التفعيلة وقصيدة النثر … وهي دائمة البحث عن الأشكال التي تراها مناسبة لتحرير موهبتها وإفلات ملكاتها الإبداعية من مكامنها … ولأنّ الشعر لديها قيمة معيارية متحقّقة في مختلف الأشكال وفي مختلف مظاهر الحياة … وانطلاقاً من هذا الفهم تختار أشكالها الشعرية بما ينسجم مع متطلّبات روحها الشاعرة وإيقاعها الداخلي الذي يختار الشكل المناسب ليظهر فيه
وقد وجدناها في مجموعتها الثانية (أغنيات الروح ) الصادرة عن
إتحاد الكتاب العرب عام 2001 قد إلتزمت قصيدة التفعيلة إلتزاماً
كاملاً .. وكذلك في مجموعتها الموجهة للأطفال (ضوء بلادي )
التي تصدر عن إتحاد الكتاب العرب أيضاً .. إلى جانب مجموعتها
الأولى (خيول الضوء والغربة ) الصادرة عن وزارة الثقافة والتي
اعتمدت فيها قصيدة النثر … وتأتي مجموعتها التي بين أيدينا لتكون قصائد نثرية .. إذن هي تبحث عن الشعر فحسب وعلى هذا
الشعر أن يظهر في الشكل الذي يراه مناسباً بما يمليه عليه نظامه
الخاص وإيقاعه المتجدد …
ففي مجموعتها الجديدة (اشتعالات مغتربة ) مجموعة من القصائد
النثرية شكلت في تآلفها وانسجامها فسحة شعرية طافحة بالعذوبة
وهي امتداد لتجربة إباء الشعرية التي تأخذ ك إلى آفاقها بمزيج من اللغة الطفولية والأنثوية الطاغية المتفتحة مثل أزهار برية في عالم
القصيدة ….
تأخذك لغتها السهلة البسيطة البارقة بصورها الشعرية التي ترف ّ
لتوحي أكثر مما تقول وترفرف لترسم أجنحة ً لعصافيرالضوء المحلقة في امتداد البياض .. داخلة ً إلى فن الشعر وفتنة الدهشة والتساؤل … وإذ يتكلم فيها صوت الأنثى الشاعرة بما يحمله من توهج وعاطفة فإن هذا الصوت لا يتوقف عند حدود الأنوثة فحسب
وإنما يتخطاها دائماً إلى ماهوأبعد وأعمق … إلى الآفاق الإنسانية المتوهجة بالأحلام الناصعة والتطلعات اللاهبة إلى ما هو أشمل وأعم في الجوهر الإنساني …
وإذ كانت الغربة بمفهومها المكاني والروحي قد وسمت قصائد هذه المجموعة (اشتعالات مغتربة ) فلأنها كما في مجموعاتها الأخرى .. تحققُ انتصاراً على هذه الغربة بقوة الشعر .. فالشعر قوة جارحة في الروح والحياة … وهو فعل وزلزلة ٌ للسائد والمكرّس من التراكمات المقولبة للعقل والروح …
ولأن الشعر هو قوة انعتاق وحرية … وتحليق أيضاً في عوالم
وأحلام يصنعها الشاعر بديلاً ممكناً ومحتملاً لقسوة الواقع وكثرة المعانة فيه فإن شاعرتنا تقف بكامل إبائها كمحاربة وفارسة
وهي تدفع عن عالمها الخراب … تدفع تلال الوهم والمعانة .. وتصدّها بالشعر … بالشعر تجدّد روحها وبالشعر تصبح أجنحتها أكثر قدرة على الطيران ….
ويأتي الحب ّ بمفهومه الخاص والعام لينوّر الجسد والروح وليعلي من شأن الحلم .. في عالم مليء بالفجيعة والخراب … لتنطلق تلك اللغة الملائكية الممزوجة بطفولة صافية نقية وموحية :
( حطت ْ فراشة على قلبك َ
فتعلمت الطيران
والحب ّ !..)
ويظل ّ الحلم ذلك الطائر المحلق في آفاق قريبة .. آفاق محلومٌ بها
وكأن ّ يد الشاعرة كادت أن تلامس ذلك المرتجى .. ذلك الأمل في الحد ّ الفاصل بين الحلم والوهم … وبين الواقع واللامرئي .. وبين الألم والفرح ! ..
( أمسك يديّ من جديد ْ
وعلمني للمرة الألف
كيف أمسك الحلم
وأضع النقاط
على الياسمين )
يدها ويدهُ … معاً يمسكان بالحلم ومعاً يصنعانه …. إنهما الجذور
والأغصان كشجرة الروح والبقاء :
( أنا في جذورك َ
وأنت َ أغصاني المتشابكة
تعال َ نعجن العقل بالجنون ,
والغربة َ بالعناق
فتزهر شجرة روحنا أبداً … )
وفي تلك الغربة الجسد ية والروحية … يبدو الإنتماء الوطني
قدراً وجذراً … يبدو أشجاراَ من الحنين أبداً تتطاول إلى قمة الضوء ….
( سبعٌ من فراشات الحب
أطفأتْ نارَ الغربة ْ …
وغيومٌ هطلت ْ ورداً
وحنيناً
في سماء ِ المغتربين ْ ….
هو ذا نشيدُ ك َ
يطبع ُ وطني على القلوب ِ
العاشقة
وهاهي الشمسُ ساطعةٌ
ساطعة
في سماء الوطن القريب ْ )
ثم هذا الإصرار على التمسك بقوة الحلم متجاوزة سيلاً من
المعاناة ! …
( كم من الليل ِ
سيمرُّ ؟! …
كم من الغربة ؟! …
وأنا عد ُّ لعينيك َ
أطيافَ الضوء ِ
والفرح ِ القاد م ْ؟ ! ….. )
تتابع الشاعرة إباء اسماعيل هذا الألق الشعري وكأنها تؤرّخ لروحها ومشاعرها بما هو فنيّ وكأنها تنتزع من بطش الزمن
لحظاتها الشعرية وومضاتها الكامنة المفاجئة التي تقفز في مختلف مفاصل الحياة … لتعلن نورها الخاص … وتعمّم طفولة روحها لتجمّل العالم وتدمّر الخراب ولعل ّ الشعرَ فرسُها الصاهلة التي تأخذها إلى آفاقها المضيئة !…
إن الشاعرة إباء اسماعيل موهبة شعرية وهاجة تتفتح رويداً
رويداً … وهي الباحثة دوماً عن موضع أقدامها … التي تسير بجدية واصرار وتألق على طريق الشعر الطويلة …. آملين لها دوام التوفيق والإبداع !…
محمد وحيد علي
قادتنى الصدفه الى هنا . ويالها من صدفه جميلة . احسست انى فى بستان جميل
الورود حلو الثمار مزدهر الأغصان . راق لى كثيرا شعر الأستاذة اباااااء اسماعيل كمعنى
ومضمون واحساس راقى .
لقد تركت هذا المكان وقد تعلق العطر بوجدانى .
تحياتى سيدتى مع اطيب امنياتى الجميلة .