أنامِلُ المَطَر
يونيو 23rd, 2020 بواسطة إباء اسماعيل
القصيدة بصيغة الـ PDF
أنامِلُ المطر- شعر – إباء اسماعيل
أنامِلُ المطر
العتْمُ جامِحةٌ خُطاهْ ..
وغموضُهُ يرنو إليَّ
يلفُّني …
وغموضُهُ المفتونُ لمْ يَهْدأْ
وَلا هدأتْ يَداهْ ! ….
هَل كان يسقيني سنا نَبَضاتِ قَهْوَتِهِ
الشَّهيّةِ
أمْ هِيَ احتَرَقَتْ سَواداً
كَي يُعانِقَني مَداهْ ؟! …
* * *
وَيَديْ وإنْ لم تشْتَعِلْ ،
هيَ طفلةٌ تاهَتْ وأكثَرَ
عن يديكْ …
هربَت لتسرُقَ
بعضَ جنّاتِ الهوى
مِنْ مِعْصَمَيكْ ….
وتذوبُ هاتيكَ الملامِحُ
في سَوادٍ أو أنينْ…
شحَنَتْهُ غُربتُنا وأشجارُ الحنينْ !..
* * *
كَم كانَ مُنطَفِئاً
وَكمْ كنتُ الشَّرارةَ
حين تقدَحُ عتمَهُ
حلماً لأقمار السِّنينْ ؟ !..
نَمراً أتى…
يا ليتني أصبحْتُ غابتَهُ
لأُبقيهِ طليقاً في هواهْ !..
ملأَ المكانَ
أضاءهُ بِسَوادِهِ
وغُبارِهِ
وحروبِهِ
وأنا الحريقْ ..
وهو الطريقْ
ملأَ المكانَ
وَهَيْمَنَتْ أنْفاسُهُ
ملأَ البياضَ سَوادُهُ
يا ليتني كنتُ النَّهارْ
أَأنا هُنا
وَهو الأَنا
صوتي صَداهْ..
وَفمي نَداهْ ؟!!
هَل يختَفي في الصّمتِ
أَمْ أنِّي أراهُ ولا أراهْ ؟!..
* * *
في جفنِ الليلِ ،
تلمَّسْتُ جَناحَيْكَ يضمّانِ جنوني …
هَل كنتَ العتْمَ
وكنتُ النارْ ؟
أَم كنتَ النورَ يمدُّ لروحي
زنبقَهُ وخُطاهْ ؟!…
* * *
وتَراني ،
تَصْمتُ
تَغْمُضُ، كالنورِ الغامِضِ
في شريانِ قصيدهْ !…
كغموضِ القلبِ يُشَعِّلهُ الليلُ
ويهوي بينَ الحزنِ وبينَ الآهْ !…
* * *
أفتحُ عينيَّ المغْمضتينْ..
منْ بعد الغربةِ والسَّفرِ الأطولِ
مِنْ ظلّي ..
أفتحُ شاشةَ أحلامي
والقلبُ صريعٌ
لا تخرجُ منهُ الكلماتْ !…
يسْكنني الليلُ ويَجرؤُ
أنْ يملأَ قلبي بالطوفانْ…
ها يختبئُ البركانْ :
تحتَ وسادتِنا ،
في شمسِ جوارحِنا ..
مثلَ رياحٍ يرسلها حمماً ناريّةْ ،
لكنّي لم أخرُجْ مِنْ صمْتي
وغموضي
وذهولي
وجنوني …
كَم أبحثُ عنكَ أنا
لِتُرافقَني في رحلةِ ضوءٍ
أو عتْمٍ
أو أمطارْ !..
كَم أنتَ أنا ؟!…
* * *
وتُعانِقُ سورةَ شَوقي
والأحرُفُ لا تخرجُ من فمِكَ الورديْ..
مَن يمنعُها؟
مَن يُخفي ضوءَ براءتِها الأولى،
تدخُلُ كهْفَ الحبِّ الآتي
من يومِ قيامتِها الجَمَراتْ..
ها لُغَةٌ تتسامى في جنَّتِها العليا
وتتوهُ الكلماتْ…
وأرى نورَكَ في ذاتي
شفّافاً يدخلني
ممزوجاً بدِماءِ الغربةِ
حينَ يصيرُ الأحمَرُ فينا
طوفاناً من وردِ النّبَضاتْ …
وَخلاياكَ تُسابَقُها
آلافُ الأحصِنةِ النَّاريّةِ
مَن يكبحُها ؟!
بل أيّةُ روحٍ تسْكنها ؟
أيّةُ شمْسٍ ؟
في برْهةِ همٍّ
وجراحِ سكونٍ تحْملني
كي تُشْعِلَ ثلجَ حَنيني
وطَناً مِنْ قُبُلاتْ ….
وكأنَّ الهمَّ يقودُ ملامحَنا
لمفاتيحِ نبوءاتْ …
لكأنَّ غيوماً عاشقةً
تُمْطِرُ في داخلنا
كمْ هذا العتْمُ يفرِّقنا …
ويُقرِّبُنا … ويُسامِرُنا …
يقتلُنا .. يُمْطِرُنا!!..
كان الطفلُ الغامِض يعرفنا
إذ أبحثُ عنكَ وتبحثُ عنّي
كانَ يُجيبُ : هُنا
قُبلَتُكَ الشَّتَويةْ
وهُنا
يدُكَ المبلولةُ
من وهج الشوق الحاضر
تُمطِرُ فيَّ شموعاً تكبرُ في الذّوَبانْ
يا وطناً أحضنهُ أبداً
يا جبلاً كـَ ( سْموكي ماوْنتِنْ) ،
يتصاعَدُ منهُ حليبٌ ودُخانْ …
يا عِشْقاً يقطفني من برْدِ الغربةِ
والأحزانْ …
أنتَ المطَرُ الـ يألفني ،
يغْمرني
بفصولٍ أربعةٍ
بل أنتَ الزمن الـ بلّلني،
خارج أزمان الصحراءْ….
وأحبُّكَ
يا مطَراً أغزَرَ من أنهار الموسيقى
حين تمرُّ مياهُ أصابعكَ
الأعمق من بئرٍ
أو جذرٍ أو موجٍ
يجتاحُ نزيفَ جنوني ….
وأحبُّكَ
يا غصناً ينمو فوق جذور دمي
يا غيماً يهطُلُ طفلاً
داخلَ مملكتي ،
مطراً لامرأةٍ واحدةٍ
مطراً للشّعرِ وللنثْرِ
غريباً وأليفاً
مثلَ طَحينِ الرّغْبَةِ ،
حينَ يصيرُ رغيفاً لِقصيدةْ ،
أو كعكة َ عيدي
يا عيدَ الحُبْ …
يا قَمَري العربيَّ،
يفتّحُ في روحي قنديلَ ضياءْ! …
هل تأخذُني عيناكَ
إلى أجنحةِ الصَّيفِ العربيةْ ؟!..
هَل تُصْبِحُ بَحْري العربيّ
وَهَل أُمْسي نورسةً
فوقَ شواطئِ قلبكْ ؟! ..
يا بَحْري
يا قمري
لا تُبقيني نورسةً شارِدةً
بينَ نجومِ الغربةِ والآهْ …
لا … لا تمْحُ أريجَكَ مِنْ وهْجي،
حينَ أصيرُكَ شَمْساً
لا … لا تَبْعُد عن جرحي
فأنا الشَّرقُ يُحاصِرُني :
ورداً ،
عِشقاً ،
جَمراً ومَتاهْ …
هيّا خُذْ بِجَناحَيَّ إلى مائِكْ
هيّا اغسلني بربيعِ دمائكْ
هيّا …
حَرِّرْني
منْ ثلجِ طَواحيني الغَرْبيّةْ !…
***
ننشر بعض المداخلات النقدية الهادِفة التي وصلتنا على هذه القصيدة:
الشاعر د. معن الماجِد :
الشاعرة المتألقة إباء إسماعيل تقديري… وفائق إحترامي
مثلَ طَحينِ الرّغْبَةِ ،
حينَ يصيرُ رغيفاً لِقصيدةْ ،
أو كعكة َ عيدي
يا عيدَ الحُبْ …
يا قَمَري العربيَّ،
يفتّحُ في روحي قنديلَ ضياءْ! …
هل تأخذُني عيناكَ
إلى أجنحةِ الصَّيفِ العربيةْ ؟!..
حروف تترنح فوق مويجة هادئة رقيقة تبحث عن شاطئ لنوبة غربتها الملحّة فتقفز تارة فوق أحلام العشق القادم من أنهار الأمس وبقاع الماضي وترش تارة أخرى رذاذ أنوار على عتمتها الآنية فتحاكي ضياءات تلك البقاع المهجورة إلا من سواها …
تحياتي لهذا المد الهائل من الأحاسيس الملونة المرسومة بفرشاة أنيقة مبدعة ..تعزف على سلالم الشجن بأصوات شفافة تطرب لها القلوب قبل العقول…
دمت بخير أيتها المبدعة
الشاعر الأستاذ يحيى السَّماوي:
( يا غصناً ينمو فوق جذور دمي
يا غيماً يهطُلُ طفلاً
داخلَ مملكتي ،
مطراً لامرأةٍ واحدةٍ
مطراً للشّعرِ وللنثْرِ
غريباً وأليفاً
مثلَ طَحينِ الرّغْبَةِ ،
حينَ يصيرُ رغيفاً لِقصيدةْ )
قصيدة حسيّة ـ لكنها ترقى الى مصاف الشعر الصوفي على صعيد تماهي العاشق بالمعشوق وذوبانه فيه ، فهي ـ أعني القصيدة ـ تحمل الوجهين : وجه مخاطبة معشوق بعيد ، ووجه مخاطبة وطنٍ بعيد ـ وربما هما الإثنان معها .
*
تحياتي لسيدتي الصديقة / الأخت الشاعرة المبدعة إباء .
الأديب د. ابراهيم الخزعلي:
الأخت العزيزة الشاعرة القديرة الأستاذة إباء اسماعيل المحترمة :
أسعد الله صباحك بكل خير ، وطاب يومك بالعيد السعيد ، وكل عام وأنتم بأف ألف خير ، وأعاده الله علينا وعليكم وعلى العالم أجمع بالخير واليمن والبركة والأمن والأمان والسلام ، وتحية وألف سلام لنبضات قلبك التي هطلت شعرا مدرارا ، فأفاضت شوقا وحنينا ، كي تسقي ما جف من أحلام العمر الضائع ، والبعض من صور حيرى تئنّ في صحراء الروح ، والبعض الآخر في المنفى عجاف …
“العتْمُ جامِحةٌ خُطاهْ ..
وغموضُهُ يرنو إليَّ
يلفُّني …
وغموضُهُ المفتونُ لمْ يَهْدأْ
وَلا هدأتْ يَداهْ ! ….
هَل كان يسقيني سنا نَبَضاتِ قَهْوَتِهِ
الشَّهيّةِ
أمْ هِيَ احتَرَقَتْ سَواداً
كَي يُعانِقَني مَداهْ ؟!… ”
سيدتي :
كيف يكون الشِّعْرُ ، وما هو لونه ، لو لم يكن في القلب جرح،
ولهيب نبض يشتعل
في الروح آه…؟!
آه..آه ..
“وَيَديْ وإنْ لم تشْتَعِلْ ،
هيَ طفلةٌ تاهَتْ وأكثَرَ
عن يديكْ …
هربَت لتسرُقَ
بعضَ جنّاتِ الهوى
مِنْ مِعْصَمَيكْ ….
وتذوبُ هاتيكَ الملامِحُ
في سَوادٍ أو أنينْ…
شحَنَتْهُ غُربتُنا وأشجارُ الحنينْ !..”
ما ذا عساي أقول ، وانا الغريق ببحر نبضك
والأحرف الحرى،
أموت ، أحيا ، أذوب ، أصرخ ، أشهق ألف آه
” كَم كانَ مُنطَفِئاً
وَكمْ كنتُ الشَّرارةَ
حين تقدَحُ عتمَهُ
حلماً لأقمار السِّنينْ ؟ !..
نَمراً أتى…
يا ليتني أصبحْتُ غابتَهُ
لأُبقيهِ طليقاً في هواهْ !..
ملأَ المكانَ
أضاءهُ بِسَوادِهِ
وغُبارِهِ
وحروبِهِ
وأنا الحريقْ ..
وهو الطريقْ
ملأَ المكانَ
وَهَيْمَنَتْ أنْفاسُهُ
ملأَ البياضَ سَوادُهُ
يا ليتني كنتُ النَّهارْ
أَأنا هُنا
وَهو الأَنا
صوتي صَداهْ..
وَفمي نَداهْ ؟!!
هَل يختَفي في الصّمتِ
أَمْ أنِّي أراهُ ولا أراهْ ؟!..
الله الله الله
لله دَرُّكِ ما أعذب هذا الشعر السلسبيل …؟!
مودتي وفائق احترامي
اخوك:ابراهيم
الناقد الأستاذ جمعة عبد الله :
الاديبة والشاعرة القديرة
قصيدة فتحت مخاليج الوجدان بهذا البركان المتدفق في حممه من شرنقة الصمت , من دواخل جدران الروح , في كشف دقائق نبضات الذات المفعمة بالاشجان التي كورتها داخل اشجار الحنين والشوق , وخرجت عن صمتها لتعلن براءة احلامها الشجية , بهذا الطوفان في سواد الحزن والآه , الذي تمدد بكل هذا الاتساع من النيران التي تشعل الذات هماً وهموماً , بهذه الغزارة في حمم البوح , ممزوجاً بآهات الغربة ودماءها التي لا تغسل إلا بالمطر , الذي رحل بعيداً عن منصات الروح , شغاف القصيدة المرهفة خرجت من شرنقة الصمت الى الفضاء الواسع في ضوءه النوراني , لتبحث عن ذاتها في كهف الحب ,لتجفف جروحها في وبراءة الحب واشجان الغربة , التي تثقلها احزانها اثقالاً مضاعفة , لكن الروح تظل ممدودة الى المطر الحب , ليداعب شغاف القلب , ويتوهج بعيد الحب , الذي يغسل الاحزان ودماء الغربة , لتجد نورستها الحالمة , بجناح الشوق , الذي يحررها من عتمة الاشجان
فأنا الشَّرقُ يُحاصِرُني :
ورداً ،
عِشقاً ،
جَمراً ومَتاهْ …
هيّا خُذْ بِجَناحَيَّ إلى مائِكْ
هيّا اغسلني بربيعِ دمائكْ
هيّا …
حَرِّرْني
منْ ثلجِ طَواحيني الغَرْبيّةْ !…
عيد سعيد وكل عام وانتم بالف خير