ثلاث قصائد قصيرة
أكتوبر 24th, 2009 بواسطة إباء اسماعيل
ثلاث قصائد قصيرة
شعر : إباء اسماعيل
صوت
لعمرٍ فتيٍّ ,
من الصَّوتِ هلَّ
يفتِّشُ عن غيمةٍ في غبارْ …
لصوتٍ يجيءُ على شكْلِ فجْرٍ
ويُشرِقُ بينَ الدَّمارْ …
رحيلٌ ينادي أنين النخيل
يسافر دهراً
مآذن نورٍ،
ويرسمُ وجهَ الرمالِ اخْضراراً
ويفْتحُ بين الصَّحارى ,
نوافذ ضوءٍ ونارْ…
لصمتٍ يبوحُ
وقلبٍ يُسائلُ : كيفَ السبيلُ ؟
وكيفَ يضيء النبيُّ بقلبٍ ينادي
كفانا احتضارْ ؟!
تكسّر هذا الصباحُ
وناحَ النخيلُ
ولكنَّ شمساً تسامتْ
تلمْلمُ جرحَ البلادِ المُنارْ …
صليل القيود يئنّ
لعمق الجراح ،
تضيء جراح الحسين مراراًً
وتصرخُ :
هلْ من نهارْ ؟!
* * *
مَقابر
لصمتِ المقابر صرخة ُ أرضٍ،
وجرحُ وطنْ …
وَلي عند كلِّ ضريحٍ
شهيقُ دموعٍ
وفجرُ فننْ !
لهم أن يصوموا دهور الحياةِ ،
المماتِ ،
ويستنجدوا بفتاتِ المحنْ…
ولي أن أباركَ أمنيتي
في ظلام الزمنْ !
فهيّا نفتّحْ زهورَ الأماني ,
على كلّ قبرٍ
ونقبرْ جميعَ الفتنْ …
هدنة
هدنة ٌ
لاحتضار المكانْ
هدنة ٌ
لاختصار الزمانْ ,
للطيورِ تعودُ إلى فيءِ أعشاشِها
وتغرِّدُ لحْنَ الأمانْ …
وبارقة من هوىً
تغتني بالفصولِ
وتسكبُ أزهارها ,
فتنة ً
وافتتانْ .
فلماذا يموتُ الكلامُ الجميلُ
ولمْ نبدأ الضوءَ ,
لم يتكسَّرْ جنونُ الرحيلِ
وحزنُ الترابِ
وتنهيدةُ البيلسانْ ؟ …
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت العزيزة / إباء
دخلت هنا ، وأنا على بـيّنة من المكان وصاحبته .. ولي شرف هذه الزيارة ، وهذه القراءة ..
بداية أقول : لا شأن لي بالنقد والنقاد ، ولست متخصصاً في اللغة أو النقد .. أنا مجرد إنسان يحب قراءة الكلام الجميل الصادر عن العقل وليس عن لوثة في العقل ..!
أقرأ ما ارى أنا ، وقد يتقاطع ذلك مع رؤية الشاعرة أعلاه ، لكن نأمل أن تكون القراءة في إطار صحيح ..
هنا ، نص مثلث ، رؤوسه مختلفة المعاني وإن التقت في حال بعينها .. فنرى ( صوت / مقابر / هدنة ) وكأنها رحلة ذاتية خضعت للتنبيه ثم للصورة ثم للمصالحة مع الذات أو الىخر ..
أيضاً ، وحتى لا أكسر أياً من أضلاع المثلث ، قلتُ في نفسي أقف عند رأس المثلث قبل أن أزور المقابر لاقرأ الفاتحة ..!
اكتفيت بالصوت يا صديقتي ،
لعله يصل على موجة قصيرة إلى من يشتهي ،
فوضعتنا أمام صوت وزمن .. فما الحكاية التي حولت ذاك الصوت إلى غيمة في غبار ..!!
صوت ، فيه الكثير من المعاني والاسى الذي ينتظر الشمس ..
هذا النسيج الذي بدأ بخيط الصوت على الموجة الأولى الارضية ، أراه قد تلعثم وصار غيمة .. ولأن الغيوم دائماً تحمل بشائر المطر ، فقد فوجئت بهذه الغيمة ، لأنها تماهت في الغبار ، وبالتالي قد تسقط مطراً حمضياً لا طائل منه ، بل قد يضر بأعشابنا الغضة التي زرعناها ، ونحاول أن نحميها من الريح ، ونسقيها بدمع الانتظار عند صباحات الأمل ..
غيمة في غبار ،
إشراقة في دمار ..
رحيل أكيد من الغرب للشرق ،
إلى مواطن الصباحات وأنين النخيل الصابرة ..
رحيل أكيد إلى الموطن ، برموزه ووجعه وصبره ..
أليست الأشياء تعود إلى كينونتها ، فهذا صوت يعود عنوة في حالة الفصد إلى دمه الأول .. رغم المعرفة المسبقة بما يكون هناك .. فنقبل ، بنفس راضية دخول ذاك الالتباس الوطني ..!
الأشياء تعود إلى مصادرها ، وكأنها من ضمن برنامج الحياة اليومي ، وكأني بالشاعرة التي أعرف صلابتها ، قد برمجت عقلها ووجدانها على بلانامج الغياب بالطرق المختلفة ، منذ أن وطأت قدماها أول بلاطة في أول ساحة من مطار الغربة .. فبدأت تطلق عصافير الشوق ، فيرتد إليها أنين النخيل ..!!
هل الغربة قيد ، ربما ..
لكن من المؤكد أن هذه الغربة تشكل قيداً بصورة معينة عند الشاعرة وفي القصيدة ..
قيد ، له صليل ، وهذا الصليل يرتبط عادة بالسيوف في حال النزال الشرس .. وحين ربطته بالقيد ، فقد جعلت معاصمنا تدي من الجرح العميق ..
هذا التصور العام ، في قراءة النص المتعلق بالصوت ..
وكنت آمل أن تكون الصورة معبرة عن الجميع / من دون تخصيص أو استنطاق لاسم أو واقعة بعينها ، فرايت أن النص بعموميته أفضل من ختامه بخصوصية ..
حسن سلامة
الأحد 1 نوفمبر 2009