الشاعرة إباء إسماعيل للوكالة أنباء الشعر : المشهَد الشِّعري الأنثوي العربي يحاوِل أن يثبت حضورَه بجرأة من جهة، وعلى خجل واستحياء من جهةٍ أخرى
يناير 7th, 2009 بواسطة إباء اسماعيل
يشكّل حضور المرأة الشاعرة دالة مميزة على الساحة الثقافية من حيث أنها تشترك في صناعة المشهد الإبداعي بكل اجتراحاته واشتغالاته، ولاشك أن هذا الحضورتتخلله بعض الإرهاصات التي قد تقود المشهد باتجاه يشاكس ماتسطّره المرأة خلال مسيرتها مايوجب عليها أن يكون لها الكلمة الفصل باتجاه توكيد ذاتها المبدعة التي تتحدث عنها الشاعرة إباء إسماعيل في هذا التصريح الذي خصّت به الوكالة قائلة ” لستُ أدري إن كنتُ في موقع يؤهّلني أن أقلِّب صفحات حساسيتي الشعرية تجاه المشهد الشِّعري العربي أم لا. أكثر من إثنين وعشرين عاماً من الغربة والاغتراب الزماني والمكاني، رغمَ هذا ، أشعرُ بانتمائي الشِّعري العربي ودخولي منذ البداية جمرات خصوبة وجوده و تشظّيه فيَّ عمقاً حَداثياً وتراثياً في آن. لكأنني لم أغِب لحظةً واحدة..بل أحاول أن أتابِع وأتفاعل وأقرأ وأستقرئ.
المشهَد الشِّعري الأنثوي العربي يحاوِل أن يثبت حضورَه بجرأة من جهة، وعلى خجل واستحياء من جهةٍ أخرى!!! الأصوات النسائية الشعرية المبدعة الجّادة قوية ومسموعة ولكنها ليست القاعدة، بل ظهرت أسماء وأسماء كثيرة جداً – ومازالت المساحة فارغة للنقاد كي يملؤوها و يصنَّفوا بدقة الغث من الثمين – كلاهما موجود، والسرقات الشّعرية مع وجود الأسماء المستعارة والحقيقية أيضاً موجودة. وهذا يدل على عدم ثقة المرأة بذاتها ورغبتها الدفينة للفت الأنظار إليها بطرُقٍ ملتوية وإن كانت الموهبة آخر ماتعول عليه .
أذكر من خلال قراءتي لعدد من المقالات المنشورة في الصحف عبر الشبكة، وكعيِّنة من تجارب الشاعرات العربيات الممثلات بلادهن العربية، صدمتني مقالتان , واحدة للصحفي زيد قطريب المنشورة في صحيفة تشرين السورية والنقد اللاذع حول مشاركة 12 شاعرة من العالم العربي اجتمعن في دمشق في أمسية «48 ساعة شعر»..
وقراءتي لمقالة الأديب والصحفي خليل صويلح التي كانت أرحم و أخف وطأة! … الشاعرات مثَّلنَ بلادهُن في هذا الملتقى الشّعري ” الرسمي”… وكم كنتُ أتمنى أن أقرأ تغطية صحفية بقلم كاتبة أنثى. تُرى، كيف سيكون النقد حينها؟! مختلفاً إلى درجة قلب الصورة؟!!
لستُ في خضم البحث عن تفاصيل هذا المشهد الشّعري العربي الأنثوي المصغَّر ولو أنه مؤشِّرومؤثِّر. لنفترِض أنّ الأسماء المنتقاة لم تكن أفضل الموجود على الساحة الشّعرية العربية الأنثوية، ولنفتَرِض أنّ هناك ثمة اعتبارات أخرى لاعلاقة لها مباشرة بالابداع. ولستُ في صدد أن أقع في شَرَك هذا الافتراض ولكنه يثيرالتساؤل: هل كان هناك رقابة من قبل لجان متخصصة تابعة للجهات الثقافية الرسمية المسؤولة التي أرسلت الشاعرات كسفيرات للشعر من بلادهن للمُشاركة وذلك لتقييم النصوص ؟ – والسلطة الثقافية يهيمن عليها الرجل في بلادنا العربية- . و كما قرأنا، أنّ بعض القصائد لم تحقق أدنى مستوى مطلوب للمُشاركة! ..
هذه إحدى الحقائق التي تؤكِّد بأنّ الشاعرة العربية المُعاصِرة بشكل عام لم تتقِن فنَّ استخدام بوصلتها الشعرية الحقيقية بعد على خارطة المشهد الشِّعري العربي المُعاصِر، ولم يؤخَذ بيدها كما يجب ولو أنها مازالت تُحاول تأسيس مشهد شعري لها – والدليل وجود عدد كبير من الشاعرات المُعاصرات على امتداد مساحة الوطن العربي – ولايهمنا أن يكون إبداعهنّ موازياً بكم ونوع إبداع الرجل لأن المشهد الشّعري العربي المُعاصِر هو في النهاية واحد، ولكن يهمنا أن يكون دور المرأة الشاعرة جادّاً و فاعِلاً ومؤثراً في حركة الشّعرالعربي الحديث ومواكباً لها. للأسف حتى هذا لم يصل إلى مستوى الطموح بعد، فالطريق شاق وطويل. وعلى المرأة الشاعرة – ولاأستثني ذاتي بالطبع- أن تشتغل على موهبتها بشكلٍ أكثر جدّية واحترافية دون أن تقبل بتمرير كلمات التّساهُل والتسامح والاطراء على صفحات قصيدتها المقروءة أو المسموعة، كي تكون قادرةً على تطوير تجربتها الشعرية نحو الأفضل ، وعلى المجتمع الذكوري الشعري والثقافي المُهَيمِن، أن يأخذ بيد المرأة الشّاعرة، ابتداءً من نصّها الأول بالنقد البنّاء كي لاتطفو على السطح نماذج شعرية نسائية رديئة ، وتقع المرأة الشاعرة ضحية للمجاملات وعدم تقدير إمكاناتها الحقيقية في الوقت الذي كان بإمكانها أن تطوِّر تجربتها أو تكتشف ذاتها إن لم تكن تملك الموهبة. كلُّ هذا في مجتمع عربي يحمل فيه الرجل مفاتيح السلطة الثقافية
) سلطة المؤسسات الثقافية والاعلامية والسياسية بما فيها دور النشر و الصحافة) بنسبة عالية جدّاً مما يجعلنا نُحمِّله مسؤولية نهوضها ونتائج فشلها إلى حدٍّ كبير”